للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنه لم يكن قبل خلق آدم صورة مخلوقة خلق آدم عليها، فقول القائل: على صورة مخلوقة لله، وليس هناك إلا صورة آدم بمنزلة قوله: على صورة آدم، وقد تقدم إبطال هذا.

ثانيها: أن إضافة المخلوق جاءت في الأعيان القائمة بنفسها كالناقة والبيت والأرض والفطرة التي هي مفطورة، فأما الصفات القائمة بغيرها مثل العلم والقدرة والكلام والمشيئة، إذا أُضيفت كانت إضافة صفة إلى موصوف، وهذا هو الفرق بين الأمرين.

ثالثها: أن هذا الوجه المضروب هو في كونه مخلوقًا مملوكًا لله بمنزلة الصورة المملوكة لله، فلو كان قد نهى عن ضرب هذا لكونه ذاك، لكان التشبيه من باب العبث؛ لأن العلة في المشبه به، مثل من يقول لأحد بنيه: إنما أكرمتك لأنك مثل ابني الآخر في معنى البنوة.

رابعها: أن العلم بأن الله خلق آدم هو من أظهر العلوم عند العامة والخاصة، فإذا لم يكن في قوله (على صورته) معنى، إلا أنها الصورة التي خلقها وهي ملكه، لكان قوله (خلق آدم كافيًا) (١).

[الوجه الرابع: المعنى الصحيح لقوله: (خلق الله آدم على صورته).]

بعد ما أثبتنا الصورة لله تبارك وتعالى، وقلنا: إن معنى هذا الحديث أن الله خلق آدم على صورة الرحمن، فماذا يكون المعنى الصحيح للحديث؟ .

فنقول مستعينين بالله: للعلماء فيه قولان:

القول الأول: إمرار اللفظ كما جاء، فنؤمن به من غير تكييف، ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تأويل.

القول الثاني: أن يكون له معنى لا يخرج عن مذهب أهل السنة والجماعة، ويليق بجلال الله تبارك وتعالى.

فممن قال بالقول الأول:

قوام السنة إسماعيل التيمي قال: فصل في الرد على الجهمية الذين أنكروا صفات الله عزَّ وجلَّ، وسموا أهل السنة مشبهة، وليس قول أهل السنة أن لله وجهًا ويدين وسائر ما أخبر


(١) أحاديث العقيدة (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>