للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى به عن نفسه موجبًا تشبيهه بخلقه، وليس روايتهم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: (خلق الله آدم على صورته) بموجبة نسبة التشبيه إليهم؛ بل كل ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبر به رسوله فهو حق، قول إله حق وقول رسوله حق، والله أعلم بما يقول، ورسوله أعلم بما قال، وإنما علينا الإيمان والتسليم، وحسبنا الله ونعم الوكيل (١).

فالواجب إذا جاءت الآية من كتاب الله تعالى أو صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإيمان والتصديق بهما، واعتقاد ما جاء فيهما، والتسليم والانقياد لهما، ولا يجوز السؤال عن كيفية ما جاء فيهما من الصفات، فإن الله تعالى أخبرنا أنه متصف بالصفات، ولم يخبرنا عن كيفية هذه الصفات، فنكل علمها إلى الله تعالى، مع اعتقادنا أنها لا تماثل صفات المخلوقين، فالله تعالى قال عن نفسه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] (٢).

قال ابن بطة: كل ما جاء من هذه الأحاديث، وصحت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففرض على المسلمين قبولها، والتصديق بها، والتسليم لها، وترك الاعتراض عليها، وواجب على من قبلها، وصدَّق بها أن لا يضرب لها المقاييس، ولا يتحمل لها المعاني والتفاسير، لكن تُمر على ما جاءت، ولا يقال فيها: لم؟ ولا كيف؟ إيمانًا بها وتصديقًا، ونقف من لفظها وروايتها حيث وقف أئمتنا وشيوخنا، وننتهي منها حيث انتُهي بنا، كما قال المصطفى نبينا - صلى الله عليه وسلم - بلا معارضة، ولا تكذيب، ولا تنقير، ولا تفتيش، والله الموفق وهو حسبنا ونعم الوكيل، فإن الذين نقلوها إلينا هم الذين نقلوا إلينا القرآن وأصل الشريعة، فالطعن عليهم، والرد لما نقلوه من هذه الأحاديث طعن في الدين، ورد لشريعة المسلمين ومن فعل ذلك فالله حسيبه، والمنتقم منه بما هو أهله (٣).


(١) الحجة في بيان المحجة (١/ ٣١٠).
(٢) أحاديث العقيدة (١٤٨).
(٣) الإبانة صـ ٢٤٤، الشريعة للآجري (٣/ ١١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>