للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحديث: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن". قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت"، وحديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله: إن البكر تستحي، قال: "رضاها صمتها" (١).

- البكر البالغة: لا نعلم خلافًا في استحباب استئذانها، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر به، ونهي عن النكاح بدونه، وأقل أحواله ذلك الاستحباب، ولأن فيه تطييب قلبها وخروجًا من الخلاف، وقالت عائشة: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجارية ينكحها أهلها، أتستأمر أم لا؟ فقال لها رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - "نعم تستأمر وقال: "استأمروا النساء في أبضاعهن، فإن البكر تستحي فتسكت فهو إذنها" (٢).

- أما الثيب فإذنها الكلام: أما الثيب: فلا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن إذنها الكلام: للخبر، ولأن اللسان هو المعبر عما في القلب، وهو المعتبر في كل موضع يعتبر فيه الإذن غير أشياء يسيرة أقيم فيها الصمت مقامه لعارض (٣). وقد ثبت أن خنساء بنت خذام زوجها أبوها، وهي كارهة، وكانت ثيبًا؛ فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردَّ نكاحها (٤).

وفي السنن من حديث ابن عباس: أن جارية بكرًا أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - (٥)، وهذه غير خنساء فهما قضيتان قضي في إحداهما بتخبير الثيب وقضي في الأخرى بتخيير البكر.

وموجب هذا الحكم: أنه لا تجبر البكر البالغ على النكاح، ولا تزوج إلا برضاها. وهذا هو قول جمهور السلف، وهو القول الذي ندين الله به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافق لحكم


(١) البخاري (٥١٣٧: ٥١٣٦).
(٢) مسند أحمد (٦/ ٤٥، ٢٠٣)، سنن النسائي (٦/ ٣٩٤)، وصححه الألباني في الصحيحة (٣٩٨). وانظر: المغني مع الشرح الكبير (٧/ ٣٨٤).
(٣) المغني مع الشرح الكبير (٧/ ٣٨٦).
(٤) أخرجه البخاري (٥١٣٧).
(٥) أبو داود (٢٠٩٦)، وابن ماجه (١٨٧٥)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٢٠٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>