قلت: هذه الآية من أصرح العبارات في نفي عيسى الألوهية عن نفسه؛ إذ كيف يكون إلهًا وهو يعترف ويقر بأن الله تعالى إلهه؟ ! وهل الله يكون له إله؟ ؟ وهذا هو ما صدَّقَه القرآن الكريم حين أكد أن عيسى -عليه السلام- كان يقول:{وَقَال الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[المائدة: ٧٢]. ومثله أيضًا ما قاله تعالى عنه -عليه السلام- أنه سيقول يوم القيامة:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}[المائدة: ١١٧].
قلت: وهنا أيضًا يبين عيسى المسيح -عليه السلام- أن الله تعالى إلهه، ويستغيث بإلهه هذا بتكرار وتضرع، فأين هذا ممن يدعي أن عيسى المسيح نفسه كان هو الله تعالى؟ !
(٣) وفي رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس (١/ ٣ و ١٦ - ١٧): "مُبَارَكٌ الله أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ المُسِيحِ، ..... لَا أَزَال شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ المُسِيحِ، أَبُو المجْدِ، رُوحَ الحِكْمَةِ وَالإِعْلَانِ فِي مَعْرِفَتِهِ، "قلت: فوصف بولسُ الله تعالى بأنه أبو المسيح، ثم وصفه بإله المسيح، مما يفيد بكل وضوح أن يسوع المسيح عبدٌ لله وليس بإله، إذ لو كان المسيح إلها لما قال بولس أن الله تعالى إلهه، لأن "الإله" أزلي واجب الوجود لا خالق ولا إله له، وهذا من أوضح الواضحات! !
(٤) ومن ذلك ما جاء في متى في وصف المسيح "هو ذا عبدي"(متى ١٢/ ١٨)، وفي سفر أعمال الرسل "قد مجد عبده يسوع .. القدوس البار"(أعمال ٣/ ١٣ - ١٤)، "فإليكم أولًا