للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا مشرع به في دين الله رب العالمين، غير منهي عنه، بل مذموم من لا يرحم الحيوانات، فما بالنا بالإنسان، وما بالنا بأقرب الأقربين من الأهل والأحباب، وكما تقدم فنجد العلماء أقروا هذه الأفعال وذكروا أنها مشروعة، بل ويُمدح فاعلها وأمروا بالاقتداء بسيد الناس - صلى الله عليه وسلم - في هذا؛ لأن في اتباعه الفلاح، وفي لزوم غرزه النجاة بفضل الله رب العالمين.

[الوجه الثالث: كل إنسان يرى الناس بعين طبعه.]

كل إنسان يرى الناس بعين طبعه وهذا معلوم، حتى أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أشار إلي ذلك في كتابه سبحانه وتعالى في مواضع عدة سنوضحها إن شاء الله.

قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (٣) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)}] [ص: ١ - ٧].

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: وعجب هؤلاء المشركون من قريش أن جاءهم منذر ينذرهم بأس الله على كفرهم به من أنفسهم، ولم يأتهم ملك من السماء بذلك {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} يقول: وقال المنكرون وحدانية الله: هذا - يعنون محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ساحر كذّاب. (١)

فهؤلاء الكفار لا يعبدون الله ويشركون به ما لا ينفع ولا يضر، فلما أتاهم رسول الله -عَزَّ وَجَلَّ- لينذرهم ويبشرهم ألقوه بالسحر والكذب والكفر، فرأوه بأعين طباعهم.

وقال الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن موسى عليه السلام وقومه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [غافر ٢٣ - ٢٤].

قال الطبري: فقال هؤلاء الذين أرسل إليهم موسى لموسى: هو ساحر يسحر العصا، فيرى الناظر إليها أنها حية تسعى، {كَذَّابٌ} يقول: يكذب على الله، ويزعم أنه


(١) تفسير الطبري ٢٣/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>