الهضم والامتصاص، وليست عمليات التغذية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع احتياجاتها اللازمة لها من هذا المخزون بعد تحلله، والذي يعتبر هضمًا داخل الخلية، فيتحول الجليكوجين إلى سكر الجلوكوز، والدسم والبروتينات إلى أحماض دهنية وأحماض أمينية، بفعل شبكة معقدة من الإنزيمات، والتفاعلات الكيمائية الحيوية الدقيقة، والتي يقف الإنسان أمامها مشدوهًا معترفًا بجلال اللَّه وعلمه، وعظيم قدرته وإحكام صنعه. فمن أخبر محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- أن في الصيام وقاية للإنسان من أضرار نفسية وجسدية؟ ومن أخبره أن فيه منافع وفوائد يجنيها الأصحاء؟ بل ومن يستطيع الصيام من المرضى وأصحاب الأعذار! ! ومن أخبره -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن الصيام سهل ميسور لا يضر بالجسم، ولا يجهد بالنفس؟ ومن أطلعه على أن كثرة الصوم تثبط الرغبة الجنسية؟ وتخفف من حدتها وثورتها خصوضا عند الشباب! ! فيصير الشباب آمنًا من الاضطرابات الغريزية النفسية، ومحصنًا ضد الانحرافات السلوكية! ! وخصوصًا أنه نشأ في بيئة لا تعرف هذا الصيام ولا تمارسه إنه اللَّه. . آمنت باللَّه (١).
[الوجه السادس: الصيام في الكتاب المقدس.]
الصوم في اليهودية والنصرانية هو عبارة عن امتناع عن الطعام والشراب والجنس في بعض أنواع الصوم، وامتناع عن الطعام فقط في أنواع أخرى، ووقته في اليهودية من قبل شروق الشمس إلى غروب الشمس، ولديهم كذلك من أنواع الصوم ما يكون ليلة واحدة، ومنها ما يكون ثلاثة أيام، ومنها ما يكون سبعة أيام، وعند النصارى امتناع لبعض الوقت بالكلية، ثم تناول أي طعام غير اللحوم، ولهم فيها مشارب شتى، سبقت الإشارة إليها.
مع عدم وضوح هذه الشعيرة في الديانتين اليهودية والنصرانية، كدأبهم في كل شعائرهم، والأمر مختلف تمامًا في الإسلام، فمدة الصوم محددة بدقة بالغة، وعدد الأيام كذلك واضح كل الوضوح، وأنواع الصوم التطوعي واضحة كذلك من خلال سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فليس هناك
(١) من أوجه الإعجاز العلمي في الصيام د/ عبد الجواد الصاوي.