للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول بأن لا يكلمهما إلا مع الاستكانة والذل والخضوع وإظهار ذلك لهما واحتمال ما يصدر منهما ويريهما أنه في غاية التقصير في حقهما وبرهما وأنه من أجل ذلك حقير ذليل ولا يزال على نحو ذلك إلى أن ينثلج خاطرهما ويبرد قلبهما عليه بالرضا والدعاء ومن ثم طلب منه بعد ذلك أن يدعوا لهما لأن ما سبق يقتضي دعائهما له كما تقرر فليكافئهما إن فرصت مساواة وإلا فشتان ما بين المرتبتين وكيف توهم المساواة وقد كانا يحملان أذاك وكلك وعظيم المشقة في تربيتك وغاية الإحسان إليك راجيين حياتك مؤملين سعادتك وأنت إن حملت شيئا من أذاهما رجوت موتهما وسئمت من مصاحبتهما ولكون الأم أحمل لذلك وأصبر عليه مع أن عنائها أكثر وشفقتها أعظم بما قاسته من حمل وطلق وولادة ورضاع وسهر ليل وتلطخ بالقذر والنجس وتجنب للنظافة والترفه لذا حض النبي - صلى الله عليه وسلم - على برها ثلاث مرات وعلى بر الأب مرة واحدة كما في الحديث" أن رجلا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، ثم من؟ قال أمك، ثم من؟ قال أبوك ثم الأقرب فالأقرب". (١)

وجاء رجل إلى أبي الدرداء فقال يا أبا الدرداء إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الوالدة أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه" (٢).

فبرهما يزيد في العمر: قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القضاء إلا الدعاء وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها". (٣)

[وبرهما شكر لله ولهما]

قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: ١٤]. فانظر - وفقني الله وإياك -


(١) أخرجه الترمذي (١٨٩٧) وقال: حديث حسن، وأبو داود (٥١٣٩)، وصححه الألباني في: صحيح أبي داود (١٦/ ٢٠).
(٢) أخرجه الترمذي (١٩٠٠)، وابن ماجه (٣٦٦٣)، وانظر السلسلة الصحيحة (٩١٠).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ٢٧٧)، والترمذي (٢١٣٩)، وقال: حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٨٧/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>