للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومن حق الدواب أيضا تحريم تعذيبها بالعطش والجوع وفضل سقيها الماء: فعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة الكسوف، فقال: دنت مني النار حتى قلت: أي رب وأنا معهم؟ فإذا امرأة حسبت أنه قال تخدشها هرة قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا". (١)

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض" (٢)

وفي الحديث دليل على تحريم تعذيب الحيوان فانظر هذه كيف دخلت النار بسبب تعذيبها لهذا الحيوان ومنع الماء والطعام عنها حتى ماتت فكل من لديه شيء وجب أن يحسن إليه ويرعاه كما يرعى كل صاحب روح. (٣)

بل إن الله -عز وجل- جعل الفضل الكبير لمن سقاها وأطعمها. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملا خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له"، قالوا: يا رسول الله وان لنا في هذه البهائم لأجرا، فقال: "في كل كبد رطبة أجر" (٤) وفي هذا بيان معنى الإحسان إلى كل حيوان حتى نسقيه ففيه أجر وسمي الحي ذا كبد رطبة لأن الميت يجف جسمه وكبده وفي هذا الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم وهو ما لا يؤمر بقتله، فأما المأمور بقتله فيمثل أمر الشرع في قتله والمأمور بقتله كالكافر الحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس المذكورات في الحديث وما في معناهن وأما المحترم فيحصل الثواب بسقيه الإحسان إليه أيضا بإطعامه


(١) البخاري (٢٣٦٥)، ومسلم (٢٢٤٢).
(٢) البخاري (٣٣١٨).
(٣) شرح النووي (٧/ ٥٠١)، وفتح الباري (٦/ ٤٠٩).
(٤) أخرجه البخاري (٢٣٦٣)، ومسلم (٢٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>