للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفضل الله عليهم بتمكينهم مما يسترونها به، وأنهم قد سار بهم سيرته في أبويهم آدم وحواء اللذين دلاهما بغرور حتى سلبهما ستر الله الذي كان أنعم به عليهما حتى أبدى لهما سوءاتهما فعرّاهما منه: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} يعني بإنزاله عليهم ذلك: خلقَه لهم ورزقَه إياهم، واللباس: ما يلبسون من الثياب، {يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} يقول: يستر عوراتكم عن أعينكم، فهذه منة يمتن الله بها على عباده، بما جعل لهم من اللباس والرياش، فاللباس المذكور ها هنا لستر العورات وهي السوآت (١).

[الوجه الثالث: معنى اللباس.]

قال ابن منظور: اللُّبْسُ بالضم مصدر قولك: لبست الثوب ألْبَس. . واللِّباسُ ما يُلْبَس وكذلك المَلْبَس، واللِّبْسُ بالكسر مثلُه. ابن سيده: لَبِسَ الثوب يَلْبَسُه لُبْسًا، وأَلْبَسَه إِياه، وأَلْبَس عليك، ثوبَك، وثوب لَبِيس إِذا كثر لُبْسُه. .

وقوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} [الأنبياء: ٨٠]، يعني: الدروع، وتلبس بالأمر وبالثوب، ولابست الأمرَ: خالطته، ولابست فلانًا: عرفت باطنه، وما في فلان ملبس أي: مستمتع، والتبس عليه الأمر أي: اختلط واشتبه.

ولباس كل شيء: غشاؤه، ولباس الرجل امرأَتُه، وزوجُها لِباسُها، وقوله تعالى في النساء: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: ١٨٧] أَي: مثل اللِّباسِ.

والعرب تسَمِّي المرأَة لِباسًا وإِزارًا. . ولباس التقوى: الحياء هكذا جاء في التفسير، ويقال: الغليظ الخشن القصير (٢).

وقال ابن عاشور: واللّباس اسم لما يلبَسه الإنسان أي: يستُر به جزءًا من جسده، فالقميص لباس، والإزار لباس، والعمامة لباس، ويقال: لبس التّاج ولبس الخاتم؛ قال تعالى:


(١) تفسير الطبري (٨/ ١٤٦)، وتفسير ابن كثير (٦/ ٢٧٦)، والخازن (٢/ ١٩٠)، وتفسير ابن أبي حاتم (٥/ ١٤٥٦).
(٢) لسان العرب (٦/ ٢٠٢)، والصحاح (٢/ ٨٢٠)، والقاموس المحيط (١/ ٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>