للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأعمال الصالحة من توفيق الله وفضله ومنه، وصدقته على عبده، فإنه أعانه عليها ووفقه لها، وخلق فيه إرادتها والقدرة عليها وحببها إليه وزينها في قلبه، وكره إليه أضدادها، فالحسنات التي هي الإيمان والعمل الصالح مصدرها من الله وغايتها منتهية إليه، والسيئات من النفس قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}، فليس للحسنات سبب إلا مجرد فضل الله ومنه، فالأعمال الصالحة وإن كانت أسباب النعم والخيرات فمن وفقه لها وأعانه عليها وشاءها له سواه، فالنعم وأسبابها من الله وقبول العمل منه وحده، قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧] أي من الذين يتقونه في العمل، والتقوى في العمل بشيئين أحدهما إخلاصه لله، والثاني أن يكون مما أمره الله به، ولا يقبل العمل حتى يكون خالصًا وصوابًا، خالصًا بأن يكون لله صوابًا أن يكون على السنة فالسعيد يخاف في أعماله أن لا يكون صادقًا في إخلاصه الدين لله أو أن لا تكون موافقة لما أمر الله به على لسان رسوله، وهذا حال الصالحين كانوا يتهمون أعمالهم وتوباتهم ويخافون ألا يكون قبل منهم ذلك فكان ذلك يوجب لهم شدة الخوف وشدة الاجتهاد في العمل الصالح، وإن التائب توبة نصوحًا، مغفور له جزمًا، ولكن المؤمن يتهم توبته، ولا يجزم بصحتها ولا بقبولها فلا يزال خائفًا من ذنبه وجلًا. (١)

[ومعنى التوبة وحقيقتها]

هي الرجوع مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا.

والنصح في التوبة: تخليصها من كل غش وفساد وإيقاعها على أكمل الوجوه.

والصدق فيها والإخلاص وتعميم الذنوب بها، ولا ريب أن الله يسامح عبده المرة والمرتين والثلاث، والذنوب إنما تغلظ وتكبر في حق من تكررت منه مرارا عديدة، واتخذ الذَّنْب عادته. (٢)

شروط التوبة: التوبة واجبةٌ من كل ذنبٍ:


(١) فتح الباري لابن رجب ١/ ٨٢.
(٢) مدارج السالكين ص ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>