للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القنوجي: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} لفظ الحرث يفيد أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج الذي هو القبل خاصة إذ هو مزدرع الذرية كما أن الحرث مزدرع النبات فقد شبه ما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل بما يلقى في الأرض من البذور التي منها النبات بجامع أن كل واحد منها مادة لما يحصل منه، وهذه الجملة بيان للجملة الأولى أعني قوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}.

{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} أي محل زرعكم واستنباتكم الولد وهو القبل، وهذا على سبيل التشبيه فجعل فرج المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالزرع.

{أَنَّى شِئْتُمْ} أي من أي جهة شئتم من خلف وقدام وباركة ومستلقية ومضطجعة وقائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة إذا كان في موضع الحرث.

ثم قال: وقد ذهب السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة إلى ما ذكرناه من تفسير الآية، وأن إتيان الزوجة في دبرها حرام. (١)

قال الشوكاني: فمن زعم منهم -أي من المخالفين- أنه فهم ذلك من الآية -أي على الإباحة- فقد أخطأ في فهمه وقد فسرها لنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأكابر أصحابه بخلاف ما قاله هذا المخطئ في فهمه كائنًامن كان، ومن زعم منهم أن سبب نزول الآية أن رجلًا أتى امرأته في دبرها؛ فليس في هذا ما يدل على أن الآية أحلت ذلك، ومن زعم ذلك فقد أخطأ، بل الذي تدل عليه الآية أن ذلك حرام (٢).

الوجه الثالث: آية {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ. . .} تدل أيضًا من وجه آخر على حرمة وطء المرأة في الدبر:


(١) فتح البيان في مقاصد القرآن (١/ ٤٤٩ - ٤٥٠).
(٢) فتح القدير للشوكاني (١/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>