للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرجع المزراق في صدره فرجع فزِعًا فقالت له قريش: ما لك يا أبا الأشدّ؟ فقال: ويحكم فإني أراه فلم يزل يعْدُو حتى بلغ الطائف فاستهزأت به ثقيف فقال: أنا أعذركم لو رأيتم ما رأيت لهلكتم. (١)

[٥ - أبو لهب يحاول قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -]

خرج أبو لهب يومًا وقد اجتمعت قريش فقالوا له: يا أبا عتبة إنك سيدّنا، وأنت أولى بمحمد منَّا، وإن أبا طالب هو الحائل بيننا وبينه، ولو قتلته لم ينكر أبو طالب ولا حمزة منك شيئًا، وأنت بريء من دمه، فنؤدي نحن الدّية وتسُود قومك، فقال: فإني أكفيكم ففرحوا بذلك ومدحته خطباؤهم.

فلما كان في تلك الليلة وكان مشرفًا عليه، نزل أبو لهب وهو يصلّي وتسلّقت أُمّ جميل الحائط حتى وقفت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد، فصاح أبو لهب فلم يلتفت إليه، وهما كانا لا ينقلان قدمًا، ولا يقدران على شيء حتى تفجَّر الصبح وفرغ - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو لهب: يا محمد أطلق عنا، فقال: ما كنت لأطلق عنكما أو تضمنا لي أنكما لا تؤذياني، قالا: قد فعلنا فدعا ربه فرجعا. (٢)

[٦ - سراقة بن مالك يحاول قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -]

قال ابن إسحاق: وحدثني الزهري أن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه عن أبيه عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم قال: لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة مهاجرًا إلى المدينة جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن رده عليهم.

قال: فبينا أنا جالس في نادي قومي؛ إذ أقبل رجل منا حتى وقف علينا فقال: والله لقد رأيت ركبة ثلاثة مرُّوا عليّ آنفًا إني لأراهم محمدًا وأصحابه، قال: فأومأت إليه بعيني: أن اسكت، ثم قلت: إنما هم بنو فلان يبتغون ضالَّة لهم قال: لعله، ثم سكت. قال: ثم مكثت


(١) المصدر السابق (١٠٠).
(٢) أعلام النبوة، للماوردي (١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>