للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، فجاء أبو بكر: فكشف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبله، قال: بأبي أنت وأمي، طبت حيًا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدًا، ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله؛ فإن الله حي لا يموت، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)}. (١)

وعنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صحيح يقول: "إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده في الجنة ثم يحيا أو يخير". فلما اشتكى وحضره القبض، ورأسه على فخذ عائشة، غشي عليه فلما أفاق، شخص بصره نحو سقف البيت ثم قال: "اللهم في الرفيق الأعلى". فقلت إذا لا يجاورنا فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح. (٢)

وعن عائشة قالت: إن من نعم الله علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته: دخل علي عبد الرحمن، وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: "أن نعم" فتناولته، فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه: "أن نعم" فلينته، فأمره، وبين يديه ركوة أو علبة - يشك عمر - فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه، يقول: "لا إله إلا الله، إن للموت سكرات" ثم نصب يده، فجعل يقول: "في الرفيق الأعلى" حتى قبض ومالت يده (٣).

ثانيًا: غسل النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) البخاري (٣٤٦٧).
(٢) البخاري (٤١٧٣)، ومسلم (٢٤٤٤).
(٣) البخاري (٤١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>