للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائدًا إلى المضروب، فلما أتى إلى حديث (خلق الله آدم على صورته)، ورأى أن هذا التأويل لا يستقيم جعله عائدًا إلى آدم عليه السَّلام.

ولما أتى إلى حديث ابن عمر: (فإن ابن آدم خُلق على صورة الرحمن)، فجعله على فرض صحته من باب إضافة الخلق إلى خالقه، كل ذلك فرارًا من التشبيه، فهذا يؤكد أنه لجأ إلى تأويل هذا الحديث، لتوهمه أن حمله على ظاهره يقتضي التشبيه، فأوَّله تنزيهًا لله تعالى عن صفات المخلوقين.

وقال أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي صاحب كتاب الترغيب والترهيب: أخطأ محمد بن خزيمة في حديث الصورة، ولا يطعن عليه ذلك؛ بل لا يُؤخذ عنه هذا فحسب.

قال أبو موسى المديني (ناقل هذا الكلام): أشار بذلك إلى أنه قَلَّ من إمام إلا وله زلة، فإن تُرك ذلك الإمام لأجل زلته، تُرك كثير من الأئمة، وهذا لا ينبغي أن يُفعل (١).

قال الذهبي: وقد تأول ابن خزيمة في ذلك حديث الصورة، فليعذر من تأول بعض الصفات، وأما السلف، فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفوا، وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه، وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه، وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنه وكرمه (٢).

ثم إن هذا الحديث ليس في حمله على ظاهره ما يقتضي التشبيه؛ بل نحن نثبته ونجريه على ظاهره مع نفي التشبيه.

ثانيا: الرد على القول بأن الضمير يعود على الله، وجعل إضافة الصورة إلى الله تعالى من باب إضافة المخلوق إلى خالقه:

والرد على ذلك من وجوه:


(١) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤١٩، ٤٢٤، ٤٣٠).
(٢) سير أعلام النبلاء (١٤/ ٣٧٤: ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>