للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا سياق الحديث: قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان أو حيثما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ قالت: فأعرض عني، فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: "يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة؛ فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها". (١)

ثانيًا معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها".

١ - نعلم أولًا أن القرآن يفسر بعضه بعضًا، والسنة تفسر بعضها بعضًا، والسنة أيضًا تفسر القرآن كما كان يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وحرف (في) هو الذي يسبب للنصارى سوء فهم بسبب ضعفهم اللغوي، فقد قال فرعون عن السحرة: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (طه: ٧١)، ومن الطبيعي ألا يقول عاقل: إن السحرة صلبهم فرعون في داخل النخل، ولكن (في) هنا تعنى: على النخل.

٢ - أطلق القرآن على النساء والرجال لفظ لباس: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة: ١٨٧)، ولا يعني هذا أن المرأة بنطلون للرجل أو أن الرجل فستان للمرأة كما يفهم النصارى وطبيعي أن المفهوم من الآية: أنه كما تستر الملابس الجسد فإن المرأة تستر زوجها من الزنا والمعاصي، وكذلك الرجل يستر زوجته ويعفها.

٣ - لكي نفهم معنى: "في ثوب عائشة" لابد من البحث عن القصة بكل ملابساتها وظروفها في أحاديث أخرى في النقاش الذي كان بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونسائه وهنا يتضح لنا المقصود والمعنى، فبعض الأحاديث وردت بلفظ لباس وبعضها بلفظ لحاف، ومن هنا يتضح أن المقصود بالثوب هو اللحاف وهو الغطاء أو السترة؛ لأن كل نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- لهن سترة، ولكن لم يأتِ الوحي إلا في بيت عائشة وهذا لفضلها ومن مناقبها -رضي الله عنها-.

٤ - وعلى هذا نفهم من الحديث أن أم المؤمنين السيدة عائشة هي الوحيدة من زوجات


(١) رواه مسلم (٣٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>