وإرسالها ترعى أو معنويًا كتطليق الزوجة وطلاق النساء لمعنيين:
أحدهما: حل عقد النكاح، والآخر بمعنى: التخلية والإرسال.
قال الجرجاني: الطلاق في اللغة: إزالة القيد والتخلية وفي الشرع إزالة ملك النكاح، والطلاق لفظ جاهلي جاء الشرع بتقريره، فهو ليس من خصائص الأمة الإسلامية، وإنما حلٌ شرعيٌّ لضرورة شرعية تقتضي حل لفظ النكاح بلفظ طلاق ونحوه.
وقال الشيزاري: والطلاق والإطلاق ضد الحبس، وهو التخلية بعد اللزوم والإمساك. (١)
وبهذا المعنى يفهم من وَصَلَ حالُه مع زوجته إلى ما ذكرنا أن الطلاق فرج وفرجة نحو الخير لكل من الزوجين طلبًا للغنى من عند اللَّه تعالى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ}(النساء: ١٣٠).
فالشريعة الإسلامية إذا كانت تحض الرجال على أن يُبقوا على زوجاتهم وألا يفصلوا ما بينهم وبينهن من روابط، فإنها في الوقت نفسه لا تغلق الباب في وجوههم إغلاقًا، ولا تلزمهم أن يبقوا على الزوجات وهم كارهون عاجزون عن عشرة طيبة وعن علاج ما يدب بينهم وبين زوجاتهم من سوء، وهي تحض النساء أيضًا على أن يسمعوا لأزواجهن، ويحاولن مرضاخهم بما وسعه جهدهن، وهي في الوقت نفسه لم تجبرهن على الخضوع البغيض، بل جعلت لإحداهن الحق في طلب الطلاق إذا رأت أنها لا تطيق الصبر على أذى زوجها وكيده لها وإذا كانت هناك زوجات مصدر للشقاء، فهناك أزواج لا ينبض قلب الواحد منهم بقطرة من الرحمة والمودة اللتين هما أساس الحياة الزوجية قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم: ٢١).
فإذا ما حل الخلاف والنفرة محل المودة والرحمة والمحبة انهارت أركان الزوجية، ولم
(١) لسان العرب مادة طلق، التعريفات للجرجاني (١٢٣)، المهذب للشيرازي (٢/ ٧٧)، وانظر: الفرقة بين الزوجين لسيد أحمد فرج (٩).