للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)} فإنه خلق الأرض في يومين قبل خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين، ثم دحى الأرض ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى، وشق فيها الأنهار، وجعل فيها السبل، وخلق الجبال، والرمال، والآكام، وما فيها في يومين آخرين؛ فذلك قوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)} وقوله: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)} وجعلت السموات في يومين آخرين، وأنه استوى على العرش بعد أن خلق السموات (١).

قال ابن تيمية: فقال: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)} (فصلت: ٩ - ١٠) قالوا: الجميع في أربعة أيام ثم استوى إلى السماء الدنيا وهي دخان، فقال لها وللأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} (٢).

٢ - ولنضرب مثلًا يقرِّب ما نقوله للأذهان: إذا فُرِض أنني ذاهب من القاهرة إلى الإسكندرية، وأن القطار سيتوقف في مدينة طنطا بعد ساعة، وفي الإسكندرية بعد ساعتين ونصف، فهل معنى ذلك أن المسافة بين القاهرة والإسكندرية ثلاث ساعات ونصف؟ أبدًا؛ المسافة بين القاهرة والإسكندرية هي التي ذكرتها مؤخرًا (ساعتين ونصف)، أما الساعة التي سيستغرقها القطار من القاهرة إلى طنطا فهذه جزء يدخل ضمن الساعتين والنصف؛ لماذا؟ لأن من القاهرة إلى طنطا جزء من الطريق بين القاهرة والإسكندرية.

واللَّه سبحانه وتعالى يتحدث عن خلق الأرض، فهو يقول سبحانه وتعالى: إنني خلقت الأرض في يومين، ثم أتممت عملية الخلق بأن جعلت فيها رواسي من فوقها،


(١) الفتاوى الكبرى (٦/ ٣٨٧).
(٢) الصفدية (٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>