للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابقة فاللَّه سبحانه وتعالى يقول: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (فصلت: ٩)، ومن هنا بدأت الآية بمخاطبة الكافرين الذين يجعلون للَّه أندادًا ويجادلون فيه؛ أي: أن اللَّه سبحانه وتعالى أراد أن يخبرنا أن الذي يستخدم هذه الآية الكريمة في التشكيك في القرآن الكريم هم أولئك الكافرون الذين يريدون أن ينشروا ويذيعوا الكفر بين الناس ويريدون أن يجعلوا للَّه أندادًا، وهم في الحالتين غير مؤمنين يحاربون اللَّه، ويحاربون دينه. إن بداية هذه الآية معجزة؛ لأن الذين يجادلون فيها هم أولئك الذين يحاربون هذا الدين، ويكفرون باللَّه، ويحاولون التشكيك، فكون اللَّه سبحانه وتعالى قال في هذه الآية الكريمة: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا}، وقال: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ} كأنما هو يخاطب هنا أولئك الذين سيأتون بعد قرون عديدة ليشككوا في القرآن الكريم مستخدمين هذه الآية بالذات في محاولة التشكيك.

ونحن نقول لهم: إن مَنْ يقول هذا الكلام أما أن يكون متعمدًا أو غافلًا عن مدلولات النص، فاللَّه سبحانه وتعالى يقول: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا}، ثم يقول سبحانه وتعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}، إذن اللَّه سبحانه وتعالى يتحدث هنا عن إتمام خلق الأرض، هو يعطينا تفصيل الخلق فيقول: خلق الأرض في يومين، ثم يتم بعد ذلك الحديث عن الخلق فيقول: جعل فيها رواسي وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام؛ وما دام الحديث تتمة لنفس الشيء الذي بدأ الكلام عنه وهو الأرض؛ أي: أن اللَّه سبحانه وتعالى لم ينتقل إلى الحديث عن السموات، وإنما هو يفصل كيفية خلق الأرض؛ فهو يتم لنا زمن خلق الأرض، فهو يقول: إنني خلقت الأرض في يومين، ثم أتممت خلقها في أربعة أيام، إذن فمدة الخلق كلفي بالنسبة للأرض هي أربعة أيام، وليست ستة.

قال ابن تيمية: أما قوله: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ

<<  <  ج: ص:  >  >>