للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكل ما في الإنسانية من معنى، وهو المسيح المولود من مريم العذراء، فالمسيح في اعتقادهم إله إنسان، أي هو بشر حقيقي مثلنا تمامًا تعرض له جميع أعراض الضعف والاحتياج البشرية، وهو في عين الحال إله قادر كامل الألوهية، ويسمون هذا بسر التجسد.

وهكذا، فالمسيح، حسب تفسير قانون الإيمان المسيحي الذي تقرر في مجمع خلقيدونية سنة ٤٥١ م.، هو شخص واحد ذو طبيعتين، طبيعة إنسانية (ناسوت) وطبيعة إلهية (لاهوت) فهو إله بشر.

ونتيجة هذه العقيدة أن يكون عيسى المسيح عليه السلام في نظرهم -شخص واحد هو خالق وهو نفسه مخلوق، رازق ومرزوق، قديم وحادث! معبود وعابد، كامل العلم وناقصه، غني ومحتاج! ... إلخ.

ولو كانت هذه الصفات المتناقضة لشخصين اثنين اتحدا بمظهر واحد لكان هناك مجال لفهم ما يقولون، لكن الذي يعسر على العقل فهمه بل يستحيل فهمه وقبوله عقلًا هو أن تكون هذه الصفات لشخص واحد وذات واحدة؛ لأن هذا بمثابة أن نقول أن هذا الشكل مربع ودائرة بنفس الوقت، أو موجود ومعدوم بنفس الوقت؟ ! لكن على أي حال الكنيسة الغربية تؤمن بذلك وتقر بأن هذا لا سبيل للعقل البشري القاصر أن يفهمه ويدركه ولذلك تعتبره سرًّا من أسرار الله وتسميه، كما قلنا، بـ "سر التجسد". (١)


(١) ما ذكر أعلى كان عقيدة جمهور المسيحيين أي: الروم الكاثوليك (اللاتين) أو الكنيسة الغربية التي رئاستها في روما، والروم الأرثوذكس، أي الكنيسة الشرقية اليونانية الأورثوذكسية التي رئاستها في القسطنطينية (والتي انفصلت عن الكنيسة الغربية عام ٨٧٩ م.)، والبروتستانت بفرقهم المخلفة من أنجليكان ولوثريين وإنجيليين وغيرهم ... الذين خرجوا من بطن الكنيستين السابقتين في القرن السادس عشر الميلادي وما تلاه، لكن هناك طائفتين قديمتين من النصارى لم تعترفا أبدًا بقرار مجمع خلقيدونية المذكور، الذي نص على أن المسيح شخص واحد في طبيعتين، وهما: النساطرة أتباع نسطوريوس واليعاقبة أتباع يعقوب البرادعي.
أما النساطرة -وهم أقلية قليلة العدد تتوطن حاليًا شمال غرب إيران وجنوب شرق تركيا وشمال العراق وعدد من المناطق الأخرى ويسمون كذلك بالآشوريين- فهم يميزون في المسيح بين شخصين: شخص =

<<  <  ج: ص:  >  >>