للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخُلق والدين، فذلك شأنها وحدها، بل إنه أخص خصائصها، تتصرف فيه بالمعروف على ما ترى فيه استقرارها وأُلفتها.

عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه: وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَى: أَنْ تَسْكُتَ". (١)

والأحاديث في إعطاء المرأة حرية الاختيار كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:

عن عائشة أنها سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: نَعَمْ تُسْتَأْمَرُ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ: فَإِنَّهَا تَسْتَحْيِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فَذَلِكَ إِذْنُهَا إِذَا هِىَ سَكَتَتْ. (٢) أي سكوتها يُكتفى به، فلا تُكلّف التصريح لحيائها، وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة، والتي يفهم منها أن الإسلام قد أعطى المرأة حرية الاختيار، وأنه لا مكان لدعوى المستشرقين الزائفة حولى حرية المرأة، لكن المستشرقين لا يعنون هذه الحرية، وإنما يعنون بالحرية هي أن تنطلق المرأة بلا قيد، وأن تتحرر من كل ضابط، وأن تتخلص من كل رقابة، فلا دين يكبح جماحها، ولا أخلاق تهذب طباعها، ولا زوج ولا والد يغير عليها، ويتدخل في حياتها.

هذه الحرية يرفضها الإسلام ولا يقرها؛ لأنها تُحوّل المرأة عن طبيعة فطرتها ورسالتها، ولأنها تدفع المرأة إلى طريق مُظلم مضلل، تكون فيه أداة للأهواء والرغبات، وهذا يؤدى بدوره إلى تحطيم القيم الأخلاقية والاجتماعية والنفسية، والتي تؤدي بدورها حتمًا إلى تدمير المجتمع وهدم الأسرة، كما أن هذه الحرية تجعل المرأة تدوس على أقدس واجباتها كزوجة وأم وربة منزل، فتهدم تلك الأصول الثلاثة، أضف إلى هذا أن إعطاء الحرية للمرأة، كما يطالب بها الزاعمون تؤدي إلى تفشي الفساد في البلاد، وإلى انتشار الخلاعة والفجور، وإلى فتك الأمراض التناسلية بالعباد، وزهد أكثرهم في الزواج، واتخاذهم الخليلات والأخدان.


(١) البخاري (٥١٣٦)، مسلم (١٤١٩).
(٢) البخاري (٥١٣٧)، مسلم (١٤٢٠) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>