للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السيوطي: قَالَ بَعْضهمْ: فِي هَذَا قَوْلَانِ أَحَدهمَا أَنَّهُ زِيَادَة فِي الابْتِلَاء وَالتَّكلِيف حَتَّى يَلْهُو بِمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ مِنْ النِّسَاء عَمَّا كُلِّفَ مِنْ أَدَاء الرِّسَالَة فَيَكُون ذَلِكَ أَكْثَر لمَشَاقِّهِ وَأَعْظَم لِأَجْرِه. (١)

حيث في الحديث عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَيّ النَاسِ أَشَدُّ بَلاءً قَالَ: "الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ؛ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ؛ وَإِنْ كَانَ فِي دِينهِ رِقَّةٌ، ابْتُليَ عَلَى حَسَبِ دِينهِ؛ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَة". (٢)

قال النووي: قال العلماء: والحكمة في كون الأنبياء أشد بلاء ثم الأمثل فالأمثل أنهم مخصوصون بكمال الصبر وصحة الاحتساب ومعرفة أن ذلك نعمة من الله تعالى ليتم لهم الخير ويضاعف لهم الأجر ويظهر صبرهم ورضاهم. (٣)

وقال ابن بطال: خص الله أنبياءه الأوجاع والأصواب لما خصهم به من قوة اليقين وشدة الصبر والاحتساب ليكمل لهم الثواب ويتم لهم الأجر. (٤)

فليس بغريب أن يكون هذا ابتلاء من الله جل وعلا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ومما يؤيد هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "حبب إلي النساء" ولم يقل أحببت.

قال العبدري: فانْظُرْ إلَى حِكْمَةِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: حُبِّبَ، وَلَمْ يَقُلْ: أَحْبَبْت، وَقَالَ مِنْ دُنْيَاكُمْ فَأَضَافَهَا إلَيْهِمْ دُونَهُ - صلى الله عليه وسلم -. (٥)

ولكن أبى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن تكون قرة عينه في شيء آخر إلا الصلاة.


(١) حاشية السيوطي على النسائي ٧/ ٦١، وانظر حاشية السندي على السيوطي ٧/ ٦١.
(٢) الترمذي (٢٣٩٨)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه (٤٠٢٣)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ١/ ٢٧٣.
(٣) شرح مسلم للنووي ٨/ ٣٧٤.
(٤) شرح البخاري لابن بطال ٩/ ٣٧٤.
(٥) المدخل لابن الحاج ٢/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>