للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ حِبُّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ؛ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحدَّ؟ وَايْمُ الله لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا (١).

فانظر لحكمه - صلى الله عليه وسلم - مع حلمه ورأفته، إلا أن هذا طالما أنه حد من حدود الله فلا شفاعة لأحد فيه.

وعن عروة قال: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فِي شَرِيجٍ مِنْ الحرَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْماءَ إِلَى جَارِكَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ الله أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسْ الْماءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجْدْرِ ثُمَّ أَرْسِلْ الْماءَ إِلَى جَارِكَ، وَاسْتَوْعَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الْأَنْصَارِيُّ كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهما فِيهِ سَعَةٌ، قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِه الْآيَاتِ إِلَّا نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (٢).

قال النووي: فيه الغضب عند انتهاك حرمات الشرع، وإن كان المنتهك متأولًا تأويلًا باطلًا (٣).

وفيه أن النبي لم يجامل هذا الأنصاري، بل لما أخطأ واتهم نبي الله بالظلم عاقبه.

* * *


(١) البخاري (٣٤٧٥ - ٦٧٨٨)، مسلم (١٦٨٨).
(٢) البخاري (٤٥٨٥)، مسلم (٢٣٥٧).
(٣) شرح النووي (٨/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>