للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمة وباطنه العذاب، وقام بزعمه على أن يعطي الحق لعلي - رضي الله عنه -، ويأخذه من عثمان، وقد ركز عبد الله بن سبأ في حملته هذه على الأعراب الذين وجد منهم مادة ملائمة لتنفيذ خطته، أخذ يروج أسبابًا للخروج على عثمان (١).

وقد استقر عبد الله بن سبأ في مصر وأخذ ينظم حملته ضد عثمان - رضي الله عنه - وحث الناس على التوجه إلى المدينة لإثارة الفتنة بدعوى أن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، وقد اعتبر الإمام الذهبي عبد الله بن سبأ هو المهيج للفتنة بمصر وباذر بذور الشقاق والنقمة على الولاة ثم على الإمام عثمان - رضي الله عنه -.

ويروي ابن كثير أن من أسباب تألب الأحزاب على عثمان ظهور ابن سبأ وذهابه إلى مصر، وإذاعته بين الناس كلامًا اخترعه من عند نفسه، وعند المقريزي أن ابن سبأ هو (المثير للفتنة المنتهية بقتل عثمان - رضي الله عنه -) وبهذا يظهر أن ابن سبأ هو السبب الرئيسي في فتنة مقتل عثمان - رضي الله عنه -. (٢)

ثانيًا: أثر الأعراب في إحداث الفتنة: فقد انضم إفى عبد الله سبأ (السبئية) عنصر الأعراب الذين لم يدخل الإيمان في قلوبهم، وهم من قبائل مختلفة وهم أصناف:

١ - صنف حَسُن إسلامه، وكان مُؤلفًا لقوله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)} [التوبة: ٩٩].

٢ - وصنف آخر دخلوا في الإسلام خوفًا ونفاقًا وطمعًا في الغنائم، ويندرج هؤلاء تحت قوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧)}.

٣ - أما الصنف الثالث فقد تعبد عبادة شديدة، وترك الدنيا كل الترك وتمسك


(١) هذه الأسباب سيأتي ذكرها والرد عليها.
(٢) تحقيق موقف الصحابة في الفتنة (١/ ٣٣٩: ٣٢٥) ملخصًا، ويراجع تاريخ الطبري (٣/ ٦٤٧) وما بعدها وفتنة مقتل عثمان للغبان (١٢٧/ ١) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>