للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الخير الفضل بن سعيد بن عمرو في الهجاء:

مخنث الطبع وليست له ... خفة أرواح المخانيث (١).

ويُستفاد منه حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن، وهذا الحديث أصل في إبعاد من يستراب به في أمر من الأمور، وفي الحديث أيضا تعزير من يتشبه بالنساء بالإخراج من البيوت والنفي إذا تعين ذلك طريقا لردعه وظاهر الأمر وجوب ذلك وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء من قاصد مختار حرام اتفاقا وسيأتي لعن من فعل ذلك (٢).

قال ابن عبد البر: وفي الحديث من الفقه: أنه لا يجوز دخول أحد من المخنثين وهم الذين يدعون عندنا المؤنثين على النساء وأنهم ليسوا من الذين قال الله فيهم: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: ٣١].

وهذه الصفة هو الأبلة الأحمق العنين الذي لا إرب له في النساء ولا يفطن بشيء من معايبهن ومحاسنهن، فمن كان بهذه الصفة لم يكن بدخوله على الناس بأس، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن بهيت المخنث أنه ممن هذه صفته، فلما سمع منه ما سمع أمر بأن لا يدخل على النساء، ثم أخرجه من المدينة ونفاه عنها، وهذا أصل في كل من يتأذى به ولا يقدر على الاحتراس منه أن يُنفى إلى مكان يؤمن فيه منه الأذى (٣).

قال ابن عبد البر: ليس المخنث الذي تُعرف فيه الفاحشة خاصة، وإنما التخنيث بشدة التأنيث في الخلِقة حتى يشبه المرأة في اللين والكلام والنظر والنغمة والعقل، فإذا كان كذلك لم يكن له في النساء أرب، وكان لا يفطن لأمور النساء، وهو من غير أولي الإربة الذين أبيح لهم الدخول على النساء، ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع ذلك المخنث من الدخول على نسائه فلما سمعه يصف ابنة غيلان وفَهِم أمر النساء أمر بحجبه (٤).


(١) قرى الضيف لابن أبي الدنيا (٥/ ١٦).
(٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري (٩/ ٣٤٣).
(٣) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار (٧/ ٢٦٦).
(٤) التمهيد لابن عبد البر (٢٢/ ٢٧٣) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>