للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادة العهد القديم؟ من هو صاحب الحماقات والذنوب الذي سقي الخل في عطشه؟ من تراه يكون: المسيح البار أم يهوذا الخائن؟ .

السفر التوراتي وحده كفيل بالإجابة عن السؤال، وفيه يهتف المصلوب ويصرخ بيأس يرجو رحمة الله الذي لم يستجب له، فيقول: "١ خَلِّصْنِي يَا الله، لأَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ دَخَلَتْ إِلَى نَفْسِي. ٢ غَرِقْتُ فِي حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ، وَلَيْسَ مَقَرٌّ. دَخَلْتُ إِلَى أَعْمَاقِ الميَاهِ، وَالسَّيْلُ غَمَرَنِي. ٣ تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي. يَبِسَ حَلْقِي. كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنِ انْتِظَارِ إِلهِي. ٤ أَكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي بِلَا سَبَبٍ. اعْتَزَّ مُسْتَهْلِكِيَّ أَعْدَائِي ظُلْمًا. حِينَئِذٍ رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ أَخْطَفْهُ. ٥ يَا الله أَنْتَ عَرَفْتَ حَمَاقَتِي، وَذُنُوبِي عَنْكَ لَمْ تَخْفَ .... ".

ويذكرنا المزمور بصراخ المصلوب اليائس" إِلهِي، إِلِهي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ "، وقد يبس حلقه، وكلّت عيناه، وما من مجيب.

ويعجب المصلوب لحال أولئك الذين أبغضوه وعلقوه بلا سبب، فقد جاء ليدلهم على المسيح، فإذا به يؤخذ بدلًا عنه، من غير أن يصنع سببًا واحدًا يستحق بغضهم له وصلبهم إياه.

لكنه يعلم أن سبب ما حاق به هو حماقته وذنوبه والعار، عار الخيانة الذي غطاه، فيقول: "٥ يَا الله أَنْتَ عَرَفْتَ حَمَاقَتِي، وَذُنُوبِي عَنْكَ لَمْ تَخْفَ. ٦ لَا يَخْزَ بِي مُنْتَظِرُوكَ يَا سَيِّدُ رَبَّ الْجُنُودِ. لَا يَخْجَلْ بِي مُلْتَمِسُوكَ يَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ. ٧ لأَنِّي مِنْ أَجْلِكَ احْتَمَلْتُ الْعَارَ. غَطَّى الْخَجَلُ وَجْهِي. ٨ صِرْتُ أَجْنَبِيًّا عِنْدَ إِخْوَتِي، وَغَرِيبًا عِنْدَ بَنِي أُمِّي. ٩ لأَنَّ غَيْرَةَ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي، وَتَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ.١٠ وَأَبْكَيْتُ بِصَوْمٍ نَفْسِي، فَصَارَ ذلِكَ عَارًا عَلَيَّ. ١١ جَعَلْتُ لِبَاسِي مِسْحًا، وَصِرْتُ لَهُمْ مَثَلًا.١٢ يَتكَلَّمُ فِيَّ الجْالِسُونَ فِي الْبَابِ، وَأَغَانِيُّ شَرَّابِي المُسْكِرِ. ١٣ أَمَّا أَنَا فَلَكَ صَلَاتِي يَا رَبُّ فِي وَقْتِ رِضًى. يَا الله، بِكَثْرَةِ رَحْمَتِكَ اسْتَجِبْ لِي، بِحَقِّ خَلَاصِكَ. ١٤ نَجِّنِي مِنَ الطِّينِ فَلَا أَغْرَقَ. نَجِّنِي مِنْ مُبْغِضِيَّ وَمِنْ أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ. ١٥ لَا يَغْمُرَنِّي سَيْلُ الْمِيَاهِ، وَلَا يَبْتَلِعَنِّي الْعُمْقُ، وَلَا تُطْبِقِ الْهَاوِيَةُ عَلَيَّ فَاهَا. ١٦ اسْتَجِبْ لِي يَا رَبُّ لأَنَّ رَحْمَتَكَ صَالِحَةٌ. كَكَثْرَةِ مَرَاحِمِكَ الْتَفِتْ إِلَيَّ. ١٧ وَلَا تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنْ عَبْدِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>