للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَنَّ لِي ضِيْقًا. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعًا. ١٨ اقْتَرِبْ إِلَى نَفْسِي. فُكَّهَا. بِسَبَبِ أَعْدَائِي افْدِنِي. ١٩ أَنْتَ عَرَفْتَ عَارِي وَخِزْيِي وَخَجَلي. قُدَّامَكَ جَمِيعُ مُضَايِقِيَّ. ٢٠ الْعَارُ قَدْ كَسَرَ قَلْبِي فَمَرِضْتُ. انْتَظَرْتُ رِقَّةً فَلَمْ تَكُنْ، وَمُعَزِّينَ فَلَمْ أَجِدْ. ٢١ وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَمًا، وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلًّا." (المزمور ٦٩/ ٥ - ٢١)، فمن هو صاحب الحماقة والذنوب والعار والخزي والخجل؟ من هو ذاك الذي كسر العار قلبه؟ إنه ذاك الذي سقوه الخل وهو على الصليب، هل يعقل أن نقول: إنه المسيح؟ لا وألف لا، إنه يهوذا الخائن.

لكن المصلوب البائس لا ييأس، فيواصل الصراخ والاستجداء طالبًا من الله الخلاص، مستعينًا فقط برحمة الله التي تسع كل شيء، ولكن بلا فائدة.

وتأتيه نتيجة دعائه وخيانته، إذ يقول السفر: "٢٢ لِتَصِرْ مَائِدَتُهُمْ قُدَّامَهُمْ فَخًّا، وَللآمِيينَ شَرَكًا. ٢٣ لِتُظْلِمْ عُيُونُهُمْ عَنِ الْبَصَرِ، وَقَلْقِلْ مُتُونَهُمْ دَائِمًا. ٢٤ صُبَّ عَلَيْهِمْ سَخَطَكَ، وَلْيُدْرِكْهُمْ حُمُوُّ غَضَبِكَ. ٢٥ لِتَصِرْ دَارُهُمْ خَرَابًا، وِفي خِيَامِهِمْ لَا يَكُنْ سَاكِنٌ. ٢٦ لأَنَّ الَّذِي ضَرَبْتَهُ أنْتَ هُمْ طَرَدُوهُ، وَبِوَجَعِ الَّذِينَ جَرَحْتَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ. ٢٧ اِجْعَلْ إِثْمًا عَلَى إِثْمِهِمْ، وَلَا يَدْخُلُوا فِي بِرِّكَ. ٢٨ لِيُمْحَوْا مِنْ سِفْرِ الأَحْيَاءِ، وَمَعَ الصِّدِّيقِينَ لَا يُكْتَبُوا." (المزمور ٦٩/ ٢٢ - ٢٨).

فمن تراه يكون هذا الهالك الذي صارت مائدته فخًا وشركًا للآمنين، لكن عميت عيونهم عن البصر، فلم تبصر الصديق، وهو ينجو، لقد باء الخائن بالإثم، وأصبحت داره خرابًا، ومحي اسمه من سفر الأحياء، فمات ولم يستجب له، كما حذف من قائمة الصديقين، فكتب مع الأشرار الهالكين، فمن تراه يكون؟ إنه يستحيل أن يكون السيد المسيح.

ثم يعود المزمور ليحدثنا عن المسيح الذي نجاه الله، فيقول عن نفسه: "٢٩ أَمَّا أَنَا فَمِسْكِينٌ وَكَئِيبٌ. خَلَاصُكَ يَا الله فَلْيُرَفِّعْنِي. ٣٠ أُسَبِّحُ اسْمَ الله بِتَسْبِيحٍ، وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ. ٣١ فَيُسْتَطَابُ عِنْدَ الرَّبِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْرِ بَقَرٍ ذِي قُرُونٍ وَأَظْلَافٍ. ٣٢ يَرَى ذلِكَ الْوُدَعَاءُ فَيَفْرَحُونَ، وَتَحْيَا قُلُوبُكُمْ يَا طَالِبِي الله. ٣٣ لأَنَّ الرَّبَّ سَامِعٌ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا يَحْتَقِرُ أَسْرَاهُ. ٣٤ تُسَبِّحُهُ" (المزمور ٦٩/ ٣٣ - ٢٩)، لقد سمع الله دعاءه، وخلاص الله رفعه وإنجاؤه، ففرح بنجاته المؤمنون،

<<  <  ج: ص:  >  >>