(٢) عمدة القاري ١٤/ ١٩٨، وانظر: فيض القدير (٣/ ٨٤)، وقال عندها: قوله: (وأول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر) ملك الروم يعني: القسطنطينية أو المراد مدينته التي كان بها يوم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وهي حمص، وكانت دار مملكته إذ ذاك (مغفور لهم) لا يلزم منه كون يزيد بن معاوية مغفورًا له لكونه منهم إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص، ويلزم من الجمود على العموم أن من ارتد ممن غزاها مغفور له، وقد أطلق جمع محققون حِلّ لعن يزيد به حتى قال التفتازاني: الحق أن رضى يزيد بقتل الحسين وإهانته أهل البيت مما تواتر معناه، وإن كان تفاصيله آحادًا فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه، وعلى أنصاره، وأعوانه. قال الزين العراقي: وقوله بل في إيمانه أي: بل لا يتوقف في عدم إيمانه بقرينة ما قبله وما بعده. اهـ قال الباحث: وقولهم الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص. مبني على اعتقادهم كفر يزيد وهذا باطل ولو صح أنه رضي بقتل الحسين فهل صح أنه لم يتب، ولم يندم على ذلك؟ وقد كان وحشي قاتل حمزة وهند بقرت بطنه وأبو سفيان قائد المشركين يومئذ وخالد الحربة في هزيمة المسلمين حتى كاد يقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم علمنا بعد ذلك توبتهم، ولم يقل أحد بأن توبتهم لم تقبل لأنهم فعلو ذلك. ويزيد لم يثبت كفره ولا زندقته بل لم يصح أنه رضي بقتل الحسين، فأين التواتر على أنه قد صح عنه الرضا؟ ! وغاية ما في الأمر أنه لم ينتصر للحسين، ولم يقتل قاتله، ولم يعزله وهذا خطأ كبير، ولكن لا يصل إلى الكفر والزندقة وحل لعنه، وهذا بحث مختصر في هذه المسألة؛ قال ابن تيمية رحمه الله: الذي يُجَوِّز لعن يزيد، لابد له من إثبات أمرين: الأول: أنه كان من الفاسقين الظالمين الذين تباح لعنتهم، وأنه مات مصرًّا على ذلك. والثاني: أن لعنة المعيّن من هؤلاء جائزة. وقد استدل القوم على جواز لعنه بأمور، الأول منها: أنهم استدلوا على جواز لعنه بأنه ظالم، فيدخل في قوله تعالى {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} والجواب: أن هذه آية عامة كآيات الوعيد، بمنزلة قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} وهذا يقتضي أن هذا الذنب سبب للعن، والعذاب، لكن قد يرتفع موجبه لمعارض راجح، إما توبة، وإما حسنات ماحية، وإما مصائب مكفّرة، وإما شفاعة شفيع مطاع، ومنها رحمة أرحم الراحمين. فمن أين يعلم أن يزيدًا لم يتب من هذا، ولم يستغفر الله منه؟ أو لم تكن له حسنات ماحية للسيئات؟ أو لم يبتلى بمصائب، وبلاء من الدنيا تكفر عنه؟ وأن الله لا يغفر له ذلك مع قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " =