للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ، مَغْفُورٌ لهُمْ"، وأول جيش غزاها كان أميرهم يزيد، والجيش عدد معين لا مطلق، وشمول المغفرة لآحاد هذا الجيش أقوى من شمول اللعنة لكل واحد واحد من الظالمين فإن هذا أخص، والجيش معينون.
ويقال إن يزيدًا إنما غزا القسطنطينية لأجل هذا الحديث، ونحن نعلم أن أكثر المسلمين لا بد لهم من ظلم فإن فتح هذا الباب ساغ أن يلعن أكثر موتى المسلمين والله تعالى أمر بالصلاة على موتى المسلمين لم يأمر بلعنتهم والآية لا تدل على لعن المعين ولو كان كل ذنب لعن فاعله يلعن المعين الذي فعله لَلُعِنَ جمهور الناس، وهذا بمنزلة الوعيد المطلق لا يستلزم ثبوته في حق المعين إلا إذا وجدت شروطه، وانتفت موانعه، وكذلك من ظلم قرابة له لا سيما وبينه، وبينه عدة آباء أيلعنه بعينه ثم إذا لعن هؤلاء لعن كل من شمله ألفاظه، وحينئذ فيلعن جمهور المسلمين اهـ من منهاج السنة (٤/ ٥٧١ - ٥٧٤).
ومنها: استدلوا على لعنه بأنه كان سببًا في قتل الحسين - رضي الله عنه -.
الرد على هذه الشبهة: الصواب أنه لم يكن ليزيد بن معاوية يد في قتل الحسين - رضي الله عنه - ابتدًاء، وهذا ليس دفاعًا عن شخص يزيد لكنه قول الحقيقة، فقد أرسل يزيد عبيد الله بن زياد ليمنع وصول الحسين إلى الكوفة، ولم يأمر بقتله، بل الحسين نَفْسُه كان حسن الظن بيزيد حتى قال دعوني أذهب إلى يزيد فأضع يدي في يده.
قال ابن الصلاح -رحمه الله-: لم يصح عندنا أنه أمر بقتله - رضي الله عنه -، والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي- إلى قتله كرمه الله إنما هو عبيد الله بن زياد والي العراق إذ ذاك.، والناس في يزيد ثلاث فرق:
فرقة تحبه وتتولاه، وفرقة أخرى تسبه، وتلعنه.، وفرقة متوسطة في ذلك لا تتولاه، ولا تلعنه، وهذه الفرقة هي المصيبة ومذهبها اللائق بمن يعرف سير الماضين، ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة جعلنا الله من خيار أهلها آمين. اهـ من فتاوى ابن الصلاح ج: ١ صـ (٢١٦ - ٢١٨).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "إن يزيدًا لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، والحسين - رضي الله عنه - كان يظن أن أهل العراق ينصرونه، ويفون له بما كتبوا إليه فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل فلما قتلوا مسلمًا وغدروا به وبايعوا ابن زياد أراد الرجوع فأدركته السرية الظالمة فطلب أن يذهب إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر، أو يرجع إلى بلده فلم يمكنوه من شىء من ذلك حتى يستأسر لهم فامتنع فقاتلوه حتى قتل شهيدًا مظلومًا - رضي الله عنه - ولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره، ولم يسب له حريمًا أصلًا بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلدهم.
ولو قدر أن يزيدًا قتل الحسين لم يكن ذنب ابنه ذنبًا له فإن الله تعالى يقول {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (الأنعام: ١٦٤)، وقد اتفق الناس على أن معاوية - رضي الله عنه - وصَّى يزيدًا برعاية حق الحسين، وتعظيم قدره وإذا قيل إن معاوية - رضي الله عنه - استخلف يزيد، وبسبب ولايته فعلى هذا.
قيل: استخلافه إن كان جائزًا لم يضره ما فعل. وإن لم يكن جائزا فذاك ذنب مستقل، ولو لم يقتل الحسين، وهو مع ذلك كان من أحرص الناس على إكرام الحسين - رضي الله عنه - وصيانة حرمته فضلًا عن دمه فمع هذا القصد، والاجتهاد لا يضاف إليه فعل أهل الفساد" ا. هـ. من منهاج السنة (٤/ ٤٧٢) =

<<  <  ج: ص:  >  >>