للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال أيضًا: والذي نقله غير واحد أن يزيدًا لم يأمر بقتل الحسين، ولا كان له غرض في ذلك بل كان يختار أن يكرمه، ويعظمه كما أمره بذلك معاوية - صلى الله عليه وسلم -، ولكن كان يختار أن يمتنع من الولاية والخروج عليه فلما قدم الحسين، وعلم أن أهل العراق يخذلونه، ويسلمونه طلب أن يرجع إلى يزيد، أو يرجع إلى وطنه أو يذهب إلى الثغر فمنعوه من ذلك حتى يستأسر فقاتلوه حتى قتل مظلوما شهيد - رضي الله عنه -، وأن خبر قتله لما بلغ يزيد، وأهله ساءهم ذلك، وبكوا على قتله، وقال يزيد: لعن الله ابن مرجانة. يعني: عبيد الله بن زياد أما والله لو كان بينه، وبين الحسين رحم لما قتله، وقال: قد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين، وأنه جهز أهله بأحسن الجهاز، وأرسلهم إلى المدينة لكنه مع ذلك ما انتصر للحسين، ولا أمر بقتل قاتله، ولا أخذ بثأره.
وأما ما ذكر من سبي نسائه، والذراري، والدوران بهم في البلاد، وحملهم على الجمال بغير أقتاب فهذا كذب، وباطل ما سبى المسلمون، ولله الحمد هاشمية قط ولا استحلت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - سبى بني هاشم قط، ولكن أهل الهوى والجهل يكذبون كثيرًا، والحجَّاج كان قد تزوج ببنت عبد الله بن جعفر فلم يرض بذلك بنوامية حتى نزعوها منه لأنهم معظمون لبني هاشم وقالوا: ليس الحجاج كفوا لشريفة هاشمية.
وفي الجملة فما يعرف في الإسلام أن المسلمين سبوا امرأة يعرفون أنها هاشمية، ولا سبى عيال الحسين بل لما دخلوا إلى بيت يزيد قامت النياحة في بيته، وأكرمهم، وخيَّرهم بين المقام عنده، والذهاب إلى المدينة، فاختاروا الرجوع إلى المدينة، ولا طيف برأس الحسين، وهذه الحوادث فيها من الأكاذيب ما ليس هذه موضع بسطه. اهـ من منهاج السنة (٤/ ٥٥٧)، (٥/ ١٥٦).
قال ابن كثير -رحمه الله-: وليس كل ذلك الجيش كان راضيًا بما وقع من قتله -أي قتل الحسين- بل ولا يزيد بن معاوية رضي بذلك والله أعلم ولا كرهه، والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يقتل لعفى عنه، كما أوصاه أبوه، وكما صرح هو به مخبرًا عن نفسه بذلك، وقد لعن ابن زياد على فعله ذلك وشتمه فيما يظهر ويبدو، ولكن لم يعزله على ذلك ولا عاقبه ولا أرسل يعيب عليه ذلك والله أعلم. اهـ من البداية والنهاية (٨/ ٢٠٢)
وقال الغزالي -رحمه الله-: "فإن قيل هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين أو أمر به؟ قلنا: هذا لم يثبت أصلًا فلا يجوز أن يقال: إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت، فضلًا عن اللعنة، لأنه لا تجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق "اهـ من إحياء علوم الدين (٣/ ١٢٥).
ولو سلّمنا أنه قتل الحسين، أو أمر بقتله وأنه سُرَّ بقتله، فإن هذا الفعل لم يكن باستحلال منه، لكن بتأويل باطل، وذلك فسق لا محالة، وليس كفرًا، فكيف إذا لم يثبت أنه قتل الحسين، ولم يثبت سروره بقتله من وجه صحيح، بل حُكِي عنه خلاف ذلك. ولقد فصل ابن خلدون في الاعتذار عن الصحابة، وعن الحسين وفي بيان موقف يزيد حسبما ثبت عنده في شأنه فقال: وأما الحسين، فإنه لما ظهر فسق يزيد عند الكافة من أهل عصره- وذلك حسبما نقل عنه على ألسنة الناس، ووصل إلى الحسين - رضي الله عنه - بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسين أن يأتيهم فيقوموا بأمره. فرأى الحسين أن الخروج على يزيد متعين من أجل فسقه لا سيما من له القدرة على ذلك، وظنها من نفسه بأهليته، وشوكته. فأما الأهلية فكانت كما ظن وزيادة. وأما الشوكة فغلط =

<<  <  ج: ص:  >  >>