للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دلت هذه الآية على أن كل من تنقص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جادًا أو هازلًا فقد كفر (١).

الوجه الثامن: بعض النماذج من السنة لمن تعرض بالأذى للنبى - صلى الله عليه وسلم - وجزاء من تعرض بالأذى.

* قتل كعب بن الأشرف وإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك لأنه آذى الله ورسوله: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى الله وَرَسُولَهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: يَا رَسُولَ الله، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ائْذَنْ لِي فَلْأَقُلْ، قَالَ: قُلْ" (٢)

* الإذن في قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق والسبب أيضًا لأنه كان يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم -:

عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ الله بْنَ عَتِيكٍ وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَيُعِينُ عَلَيْهِ" (٣).

* إسقاط النبي - صلى الله عليه وسلم - دية المرأة التي كانت تسبه لما قتلت:

فعن ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ المغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: "أَنْشُدُ الله رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ"، فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ المِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " ألا اشهدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ" (٤).

وحتى لا يكون هذا الحكم في إسقاط النبي - صلى الله عليه وسلم - دمها عامًا للناس جميعًا بعد موته، فقال


(١) الصارم المسلول صـ (٣١) والمسألة فيها تفصيل. انظر: كتاب الشفا وكتاب الصارم المسلول.
(٢) أخرجه البخاري (٤٠٣٧)، مسلم (١٨٠١).
(٣) أخرجه البخاري (٤٠٣٩).
(٤) أخرجه أبو داود (٤٣٦١)، النسائي (٧/ ١٠٨)، والحديث صحح إسناده الألباني في صحيح سنن النسائي (٣٧٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>