للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو بكر الصديق: ليس هذا لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

* الرجل لفظته الأرض بعد دفنه لأنه افترى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

من حديث أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ الله فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَألقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَألقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَألقَوْهُ (٢).

قال ابن تيمية: فهذا الملعون الذي افترى على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ما كان يدري إلا ما كتب له قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مرارًا وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله وأنه كان كاذبا إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه ومظهر لدينه ولكذب الكاذب إذ لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد (٣).

الوجه التاسع: بيان الحكمة في تولي رب العزة الدفاع عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -. وأن هذا ليس كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الرازي: الكفار لما شتموه، فهو تعالى أجاب عنه من غير واسطة، فقال: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣] وهكذا سنة الأحباب، فإن الحبيب إذا سمع من يشتم حبيبه تولى بنفسه جوابه، فههنا تولى الحق سبحانه جوابهم، وذكر مثل ذلك في مواضع حين قالوا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}


(١) أخرجه أبو داود (٤٣٦٣)، النسائي ٧/ ١٠٩، وصححه الألباني في صحيح النسائي (٣٧٩٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٦١٧)، مسلم (٢٧٨١).
(٣) الصارم المسلول (١١٦: ١١٧)، ومن أراد المزيد حول هذا فلينظره في هذا الكتاب الماتع.

<<  <  ج: ص:  >  >>