للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسرائيليات التي غالبها مبدل، مصحف، محرف، مختلق، ولا حاجة لنا مع خبر الله تعالى ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شيء منها بالكلية فإنه دخل منها على الناس شر كثير، وفساد عريض، وتفسير كعب قول الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}، بأنه يربط خيله بالثريا غير صحيح ولا مطابق للواقع، فإنه لا سبيل للبشر إلى شيء من ذلك ولا إلى الترقي في أسباب السماوات، وإنما التفسير الصحيح: أن الله يسر الأسباب أي الطرق، والوسائل إلى فتح الأقاليم والبلاد، وكسر الأعداء، وكبت الملوك، وإذلال أهل الشرك، فقد أوتى من كل شيء مما يحتاج إليه مثله سببًا وكذلك: نجد أبا هريرة - رضي الله عنه - أيضًا يراجع كعبًا في بعض أقواله، فقد سأله: "عن الساعة التي في يوم الجمعة، ولا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى، يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه"، فيجيبه كعب: بأنها في جمعة واحدة من السنة، فيرد عليه أبو هريرة - رضي الله عنه - قوله هذا، ويبين له أنها في كل جمعة، فيرجع كعب إلى التوراة، فيرى الصواب مع أبى هريرة - رضي الله عنه -، فيرجع إليه، وكذلك: نجد أبا هريرة - رضي الله عنه - يسأل عبد الله بن سلام عن تحديد هذه الساعة، ويقول له: أخبرني ولا تضن على فيجيبه ابن سلام: بأنها آخر ساعة في يوم الجمعة فيرد عليه أبو هريرة - رضي الله عنه - بقوله: كيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة وقد قال الرسول: "لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلى"؟ وتلك الساعة لا يصلى فيها، فيجيبه بقوله: ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جلس مجلسًا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلى "؟ ولو أن الصحابة راجعوا أهل الكتاب في كل مروياتهم التي أخذوها عنهم، لكان من وراء ذلك خير كثير، ولخلت كتب التفسير من هذا الركام من الإسرائيليات، التي تصادم العقل السليم والنقل الصحيح ولكن هذا ما كان ومع هذا: لم نعلم أحدًا طعن فيه، ورماه بالكذب والاختلاق إلا ما كان من بعض المتأخرين ومهما يكن من شيء فقد تبين لنا: أنه ما كان وضاعًا يتعمد الكذب، وأن الإسرائيليات التي رواها إن كان وقع فيها كذب وأباطيل فذلك يرجع إلى من نقل عنهم من أسلافه الذين حرفوا وبدلوا وإلى بعض كتب اليهود التي حشيت بالأكاذيب والخرافات وإما إلى خطئه في التأويل كما في قصة كعب ومع

<<  <  ج: ص:  >  >>