للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: "أعظم المسلمين جرمًا: من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين، فحرم عليهم من أجل مسألته" (١).

وقال: "إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال" (٢).

وقال: "ذروني ما تركتكم فإنما أهلك الذين قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم" (٣).

قال القاسمي: قال بعض الأئمة والتحقيق في ذلك أن البحث عما لا يوجد فيه نص على قسمين:

أحدهما: أن يبحث عن دخوله في دلالة النص على اختلاف وجوهها، فهذا مطلوب لا مكروه؛ بل ربما كان فرضًا على من تعين عليه من المجتهدين.

ثانيهما: أن يدقق النظر في وجوه الفروق، فيفرق بين متماثلين بفرق ليس له أثر في الشرع مع وجود وصف الجمع، أو بالعكس؛ بأن يجمع بين متفرقين بوصف طردي مثلًا فهذا الذي ذمه السلف. وعليه ينطبق حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلك المتنطعون" (٤) فرأوا أن فيه تضييع الزمان بما لا طائل تحته، ومثله الإكثار من التفريع على مسألة لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة ولا الإجماع، وهي نادرة الوقوع جدًّا، فيصرفُ فيها زمانٌ كان صرفه في غيرها أولى؛ ولا سيما إن لزم من ذلك إغفال التوسع في بيان ما يكثر وقوعه، وأشد من ذلك كثرة السؤال للبحث عن أمور مغيبة، ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها، ومنها لا يكون له شاهد في عالم الحس، كالسؤال عن وقت الساعة وعن الروح وعن مدة هذه الأمة ... إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل، الصرف والكثير منه لم يثبت منه شيء؛ فيجب الإيمان به من غير بحث، وأشد من ذلك: ما يوقع كثرة البحث


(١) البخاري (٧٢٨٩)، ومسلم (٢٣٥٨).
(٢) البخاري (١٤٧٧)، ومسلم (١٧١٥)
(٣) البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧).
(٤) مسلم (٢٦٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>