للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه في الشك والحيرة. (١)

قال الشاطبي: الإكثار من الأسئلة مذموم، والدليل عليه النقل المستفيض من الكتاب والسنة ... ثم ساق الأدلة التي ذكرناها ثم قال:

ويتبين من هذا أن لكراهية السؤال مواضع نذكر منها عشرة مواضع:

أحدها: السؤال عما لا ينفع في الدين كسؤال عبد الله بن حذافة من أبي؟

قال: أن يسأل بعد ما بلغ من العلم حاجته كما سأل الرجل عن الحج أكل عام مع أن قوله - تعالى -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ} البيت قاض بظاهره؛ أنه للأبد لإطلاقه، ومثله سؤال بني إسرائيل بعد قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}.

ثالثها: السؤال من غير احتياج إليه في الوقت، وكان هذا والله أعلم خاص بما لم ينزل فيه حكم وعليه يدل قوله: "ذروني ما تركتكم"، وقوله: "وسكت عن أشياء رحمة لكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها".

رابعها: أن يسأل عن صعاب المسائل وشرارها كما جاء في النهي عن الأغلوطات.

خامسها: أن يسأل عن علة الحكم، وهو من قبيل التعبدات التي لا يعقل لها معنى، أو السائل ممن لا يليق به ذلك السؤال، كما في حديث قضاء الصوم دون الصلاة.

سادسها: أن يبلغ بالسؤال إلى حد التكلف والتعمق، وعلى ذلك يدل قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦)} [ص: ٨٦].

ولما سأل الرجل: يا صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع؟ قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا: فإنا نرد على السباع وترد علينا، الحديث. (٢)

سابعها: أن يظهر من السؤال معارضة الكتاب والسنة بالرأي، ولذلك قال سعيد: أعراقي أنت؟ وقيل لمالك بن أنس: الرجل يكون عالمًا بالنسبة أيجادل عنها، قال: لا،


(١) تفسير القاسمي (٤/ ٣٩١).
(٢) البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>