وقال أبو عثمان النيسابوري الملقب في رسالته المشهورة في السنة قال: ويثبت أهل الحديث نزول الرب سبحانه في كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل، ولا تكييف؛ بل يثبتون له ما أثبته له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله، وكذلك يثبتون ما أنزل الله في كتابه من ذكر المجيء، والإتيان في ظلل من الغمام والملائكة، وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[الفجر: ٢٢].
وقال: سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب سمعت أحمد بن سعيد الرباطي يقول: حضرت مجلس الأمير عبد الله ابن طاهر ذات يوم، وحضر إسحاق بن إبراهيم - يعني ابن راهويه - فسئل عن حديث النزول صحيح هو؟
فقال: . فقال بعض قواد عبد الله: يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم، قال كيف ينزل؟ قال: أثبته فوق؛ حتى أصف لك النزول، فقال الرجل: أثبته فوق؟ فقال إسحاق: قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢].
فقال له الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة.
فقال إسحاق: أعز الله الأمير! من يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ ! !
وروى بإسناده عن إسحاق قال: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب! هذا الحديث الذي تروونه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا" كيف ينزل؟
قال: قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب كيف ينزل؟ ، إنما ينزل بلا كيف - أي بلا كيف معلوم لنا - وبإسناده أيضًا عن عبد الله بن المبارك أنه سأله سائل عن النزول ليلة النصف من شعبان؟ .
فقال عبد الله: يا ضعيف ليلة النصف، أي وحدها؟ ! هو ينزل في كل ليلة.
فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن! كيف ينزل، ألم يخل ذلك المكان؟