لنا أن نتوهم في الله كيف؟ وكيف؟ ؛ لأن الله وصف فأبلغ فقال: قل هو الله أحد الله، الصمد، فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه.
ومثل هذا النزول والضحك، وهذه المباهاة، وهذا الاطلاع، كما شاء أن ينزل، وكما شاء أن يضحك، فليس لنا أن نتوهم أن ينزل عن مكانه كيف؟ وكيف؟ .
وإذا قال لك الجهمي: أنا كفرت برب ينزل.
فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
وقال البخاري في كتاب "خلق الأفعال" والفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب يزول عن مكانه.
فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
قال البخاري: وحدث يزيد بن هارون عن الجهمية فقال: من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما تقرر في قلوب العامة فهو جهمي.
وروى الخلال عن سليمان بن حرب أنه سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال: يا أبا إسماعيل الحديث ينزل الله إلى السماء الدنيا أيتحول من مكان إلى مكان؟
فسكت حماد بن زيد، ثم قال: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء وهذا نقله الأشعري في كتاب "المقالات" عن أهل السنة والحديث، فقال: ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]، ويرون اتباع من سلف من أئمة الدين، ولا يحدثون في دينهم ما لم يأذن به الله، ويقرون أن الله يجيء يوم القيامة كما قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢].
وإن الله يقرب من خلقه كما يشاء كما قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} [ق: ١٦] ثم قال الأشعري: وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب.