مؤمنًا، لأنك تكسب الظاهر، أما الداخل أو الباطن فلا يظهر، ومن هنا كانت وما زالت الحكمة والموعظة الحسنة، والحوار والجدال بالتي هي أحسن سبيل الدعوة.
فالذين يلجئون إلى العنف في الدعوة اليوم، أو في فرض آرائهم هؤلاء مخالفون تمام المخالفة لمناهج الإسلام في الدعوة، هذا المنهاج الذي هو منهاج القرآن.
إذن النقطة الأساسية في بداية الدعوة الإسلامية هي تغيير ما في النفس، وهذا لا يتأتى بالإكراه أو العنف، فالعنف عادة يكون رد فعل لعنف آخر أو رد فعل لقيود عنيفة تمارس على حريات الإنسان، فيرفضها رفضًا عنيفًا.
إن استخدام القوة لا يجوز إلا دفاعًا عن النفس وحماية للأرض والعرض والحفاظ على حرمات الله ومقدساتنا، قال تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}(الفتح: ٢٩)، وقال عز وجل:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}(النحل: ١٢٦)، وقال سبحانه:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}(البقرة: ١٩٤).
فلا بد أن نكون رحماء فيما بيننا؛ لنحقق المنهج الإسلامي في الوسطية والبعد عن الإفراط والتفريط.
فالحوار والمجادلة بالتي هي أحسن هي من أبرز وسائل الدعوة إلى الله، وهي علامة على وسطية الأمة واعتدالها في التعامل مع وجهات النظر؛ بل مع المخالف، قال تعالى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}(سبأ: ٢٤)، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحاور الناس ويبحث عمن يقبل دعوته، واستخدم رسولنا - صلى الله عليه وسلم - الوسائل المتعددة لتبليغ الرسالة ومنها الحوار.
وقد سمى الله عز وجل صلح الحديبية الذي عارضه أغلب الصحابة وعدوه ضيمًا سماه عز وجل فتحًا، قال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)} (الفتح: ١)؛ وذلك لما ترتب عليه من ثمرات