للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والامتصاص - لا يكتمل عملها بصورةٍ طبيعيةٍ في الأشهر الأولى بعد الولادة وتكتمل تدريجيًا حتى نهاية العام الثاني.

ومجموع هذه الأبحاث يشير إلى أنه كلما اقتربت مدة الرضاعة الطبيعية من عامين قل تركيز الأجسام المناعية الضارة بخلايا (بيتا البنكرياسية) التي تفرز الإنسولين، وكلما بدأت الرضاعة البديلة وخاصةً لبنَ الأبقار في فترةٍ مبكرةٍ بعد الولادة ازداد تركيز الأجسام المناعية الضارة في مصل الأطفال.

وفي إشارةٍ علميةٍ دقيقةٍ أخرى للقرآن الكريم نراه يحدد مدة الرضاعة بما يقرب من الحولين، كما جاء في الآية (١٤) من سورة (لقمان): {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}، والآية (١٥) من سورة (الأحقاف): {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، ويُفهم من هذا أن إرضاع الحولين ليس حتمًا، بل هو التمام، ويجوز الاقتصار على ما دونه، كما أشارت الأحكام الإِسلامية الخاصة بالرضاعة إلى ذلك، اعتمادًا على قوله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (البقرة: ٢٣٣).

يقول ابن كثير (١): أي فإن اتفق والدَا الطفل على فطامه قبل الحولين، ورأيَا في ذلك مصلحة له وتشاورَا في ذلك وأجمعا عليه، فلا جناح عليهما في ذلك، فيؤخذ منه أنَّ انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي، ولا يجوز لواحدٍ منهما أن يستبدّ بذلك من غير مشاورة الآخر؛ قاله الثوري وغيره. وهذا فيه احتياطٌ للطفل، والتزامٌ للنظر في أمره، وهو من رحمة اللَّه بعباده، حيث حجر على الوالدين في تربية طفلهما، وأرشدهما إلى ما يصلحهما ويصلحه (٢).


(١) تفسير ابن كثير (البقرة/ ٢٣٣).
(٢) انظر: حكمة تحديد مدة الرضاعة بحولين كاملين من منظور علمي العدد الرابع مجلة الإعجاز العلمي أ. د. مجاهد محمد أبو المجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>