للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيلاء: هو أن يحلف الرجل أن لا يطأ زوجته إما مدة هي أكثر من أربعة أشهر أو أربعة أشهر (١).

وهو لغة: الامتناع باليمين. وخص في عرف الشرع: بالامتناع من وطء الزوجة ولهذا عدى فعله بأداة "من" تضمينا له معنى "يمتنعون" من نسائهم، وهو أحسن من إقامة "من" مقام "على". وجعل سبحانه للأزواج مدة أربعة أشهر يمتنعون فيها من وطء نسائهم بالإيلاء؛ فإذا مضت، فإما أن يفيء، وإما أن يطلق. وقد دلت الآية على أحكام منها: أن من حلف على ترك الوطء أقل من أربعة أشهر لم يكن مؤليا، وهذا قول الجمهور. ومنها: أنه لا يثبت له حكم الإيلاء حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر، وبعد انقضائها إما أن يطلقوا وإما أن يفيئوا وهذا قول الجمهور، والجمهور يجعلون المدة أجلًا لاستحقاق المطالبة، وعند الجمهور لا يستحق المطالبة حتى تمضي الأربعة أشهر فحينئذ يقال: إما أن تفيء وإما أن تطلق، وإن لم يفيء أخذ بإيقاع الطلاق، إما بالحاكم وإما بحبسه حتى يطلق (٢).

ومن حسن العشرة: عدم هجر فراش الزوجة إلا لأمر شرعي:

قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (٣٤)} (النساء ٣٤)، أي: النساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن. والنشوز: هو الارتفاع، فالمرأة الناشز: هي المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له، والهجران في المضاجع معناه: لا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره، وهذا الهجر غايته عند العلماء شهر، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أسر إلى حفصة، فأفشته إلى عائشة، وتظاهرتا عليه، ولا يبلغ به الأربعة الأشهر التي ضرب الله أجلا عذرا للمولى (٣).


(١) بداية الجتهد (٣/ ١٨٧).
(٢) زاد المعاد (٥/ ٣١٠).
(٣) تفسير القرطبي (٥/ ١٧٨)، وابن كثير (٢/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>