للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال قتادة (١).

فرغبت الآية المسلمين في إطعام الأسرى واعتبرت ذلك من قبيل القربة إلى الله.

فهذه الآية نص محكم في الإحسان إلى الأسرى، والرفق بهم، ويقول الإمام القرطبي بعد أن ذكر أقوال السلف في بيان المراد من الأسير من أهل الشرك يكون في أيديهم، وقال قتادة: لقد أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك، وأخوك المسلم أحق أن تطعمه قال: قلت: وكأن هذا القول عام يجمع جميع الأقوال، ويكون إطعام الأسير المشرك قربة إلى الله تعالى (٢).

ب - وروي عن عمران بن حصين قال: "كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأسر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء (ناقة) فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الوثاق، فقال: يا محمد، فأتاه، فقال: ما شأنك؟ فقال: بم أخذتني وأخذت سابقة الحاج (يعني العضباء)؟ فقال: بجريرة حلفائك ثقيف، ثم انصرف، فناداه فقال: يا محمد، يا محمد، فقال: ما شأنك؟ قال: إني مسلم. قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" ثم انصرف عنه فناداه: يا محمد، يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟ فقال: إني جائع فأطعمني، وظمآن فاسقني. قال: "هذه حاجتك" ففُدِي بعد بالرجلين (٣).

فقوله - صلى الله عليه وسلم - "هذه حاجتك" تدل على إطعام الأسير وأنه ينبغي أن يكون الطعام كافيًا في كميته وقيمته الغذائية، بحيث تكفل للأسير السلامة.

ج - وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أتي بالأسارى (أي أسرى بدر) فرقهم بين أصحابه وقال لهم: "استوصوا بالأسرى خيرًا" قال: وكان أبو عزيز عمير بن هاشم أخو مصعب


(١) المحرر الوجيز لابن عطية ١٥/ ٢٣٨.
(٢) تفسير القرطبي ١٩/ ١٢٩.
(٣) مسلم (١٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>