للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الزمخشري: و {وَلِيَقُولُوا} جوابه محذوف تقديره وليقولوا درست تصرّفها. . . وفسروها بدارست اليهود محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وجاز الإضمار؛ لأن الشهرة بالدراسة كانت لليهود عندهم. ويجوز أن يكون الفعل للآيات، وهو لأهلها، أي دارس أهل الآيات وحملتها محمدًا، وهم أهل الكتاب. . فإن قلت: أي فرق بين اللامين في {وَلِيَقُولُوا} و {وَلِنُبَيِّنَهُ}، قلت: الفرق بينهما أن الأولى مجاز والثانية حقيقة، وذلك أن الآيات صرفت للتبيين، ولم تصرف ليقولوا دارست، ولكنه لأنه حصل هذا القول بتصريف الآيات كما حصل التبيين شبه به فسيق مساقه (١).

وقال أبو عليّ الفارسي: واللام في {وَلِيَقُولُوا} على قراءة ابن عامر ومن وافقه بمعنى لئلا يقولوا، أي صرف الآيات وأحكمت لئلا يقولوا هذه أساطير الأوّلين قديمة، قد تليت وتكرّرت على الأسماع واللام على سائر القراءآت لام الصيرورة، وما أجازه أبو عليّ من إضمار (لا) بعد اللام المضمرة بعدها أن هو مذهب لبعض الكوفيين، وتقدير الكلام لئلا يقولوا كما أضمروها بعد (أن) المظهرة في قوله: {أَنْ تَضِلُّوا} ولا يجيز البصريون إضمار (لا) إلا في القسم على ما تبين فيه، وقد حمله بعضهم على أن اللام لام كي حقيقة. فقال: المعنى تصريف هذه الدلائل حالًا بعد حال، ليقول بعضهم دارست فيزدادوا كفرًا على كفر، وتنبيه لبعضهم فيزدادوا إيمانًا على إيمان ولنظيره {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٥]، ولا يتعين ما ذكره المعرّبون والمفسرون من أن اللام في {وَلِيَقُولُو} لام كي أو لام الصيرورة بل الظاهر أنها لام الأمر، والفعل مجزوم بها لا منصوب بإضمار (أن) ويؤيده قراءة من سكن اللام، والمعنى عليه متمكن؛ كأنه قيل: ومثل ذلك نصرف الآيات، وليقولوا هم ما يقولون من كونك درستها وتعلمتها أو درست هي أي بليت وقدمت؛ فإنه لا يحفل بهم ولا يلتفت إلى


(١) الكشاف ٢/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>