فهو سبحانه يستحق غاية الحب، والطاعة، والثناء، والمجد، والتعظيم لذاته ولما له من أوصاف الكمال، ونعوت الجلال، وحبه والرضى به وعنه، والذل له والخضوع، والتعبد هو غاية سعادة النفس وكمالها، والنفس إذا فقدت ذلك كانت بمنزلة الجسد الذي فقد روحه وحياته. (١)
فعبد الله من يرضيه ما يرضي الله، ويسخطه ما يسخط الله، ويحب ما أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
بينما (محبة الله) عند النصارى تعني: أن الذي دفع الله إلى قتل المسيح على الصليب هو محبته للعالم، وفي ذلك هم يقولون: إن موت المسيح كان إعلانًا لمحبة الله، وأن الله هو الذي أخذ الخطوة الأولى في عملية الفداء، وذلك محبته للإنسان:(لأن الله كان في محبته لنا ونحن بعدُ خطاةُ مات المسيح لأجلنا)، ثم (أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ) رومية (٨/ ٣).، ثم (الَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لَا يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ ). (رومية ٨/ ٣٢).
فمحبة الله التي تظهر في ذبيحة المسيح هي الأساس الذي يبني عليه الرسول (بولس) فكره اللاهوتي كله.
فانظر، هل يُعقل أن يحب الله البشر الخطاة أكثر من حبه للمسيح البار؛ فيضحي به من أجلهم؟ ! وهو لم يرتكب ذنبًا، فيُضرب ويُشتم ويُهان ويُعذب ويُصلب! ! ، وهم يقولون: إن الله فعل ذلك محبةً، فالمسألة إذن أن النصارى وإن كانوا يتفقون معنا في أن المؤمن يجب أن يؤثر محبة الله وأمره على كل شيء؛ إلا أنهم يختلفون معنا في المقصود بمحبة الله، فهم يعتقدون أن محبة الله تعني أنه مات وصُلب من أجل خطية آدم فداءً للبشر الخطاة.
بينما المسلمون يعنون بمحبة الله: تعظيمه وطاعته وتنفيذ أوامره، عبودية بكمال الحب والخضوع والذل، وبالتالي فإن النصارى يرفضون أي قول يخالف معتقدهم، ويحاولون