مطلقة، قد تقوم على تقديس البيوتات الخاصة، كما كان في فارس، فقد كان آل ساسان يعتقدون أن حقهم في الملك مستمد من الله، وقد عملوا كل ما في استطاعتهم للتأثير في رعاياهم حتى أذعنوا لهذا الحق الملكي المقدس وصارت لهم عقيدة يدينون بها. وقد تقوم على تقديس الملوك مطلقًا، فكان الصينيون يسمون ملكهم الإمبراطور ابن السماء، ويعتقدون أن السماء ذكر، والأرض أنثى، وقد ولدا الكائنات، وكان الإمبراطور ختا الأول هو بكر هذين الزوجين، وكان الإمبراطور يعتبر كالأب الوحيد للأمة، له أن يفعل ما يشاء، وكانوا يقولون له: أنت أبو الأمة وأمها، ولما مات الإمبراطور "لي يان" أو "تاي تسونغ" لبست الصين ثوب الحداد، وحزنت الأمة حزنًا شديدًا، فمنها من أثخن وجهه بالإبر، ومن قطع شعره، ومن ضرب أذنيه بجانب النعش.
وقد تقوم على تقديس بعض الشعوب والأوطان كما كان في المملكة الرومية، فكان المبدأ الأساسي هو تقديس الوطن الرومي، والشعب الرومي. ولم تكن الأمم والبلاد إلا خادمة لمصلحتها وعروقًا يجري منها الدم إلى مركزها، فكانت الدولة تستهين في ذلك بكل حق ومبدأ، وتدوس كل شرف وكرامة، وتستحل كل ظلم وشنيعة، ولا يمنع بلادًا من هذا الحيف والظلم اشتراك في دين وعقيدة ولا إخلاص ووفاء للملكة، ولا يعترف لها في زمن من الأزمان بحق حكمها نفسها بنفسها والتمتع بحقوقها في أرضها إنما هي ناقة ركوب في بعض الأحيان، حلوب في بعضها، لا يقدم لها العلف إلا ما يقيم صلبها ويدر ضرعها. وهذه بعض الأمثلة:
الدولة الرومانية. وعن حال الحكم الروماني في مصر والشام. فيقول الدكتور الفرد. ج. بتلر عن الحكم الروماني في مصر: إن حكومة مصر الرومية لم يكن لها إلا غرض واحد، وهو أن تبتز الأموال من الرعية لتكون غنيمة للحاكمين، ولم يساورها أن تجعل قصد الحكم توفير الرفاهية للرعية أو ترقية حال الناس والعلو بهم في الحياة أو تهذيب نفوسهم أو إصلاح أمور أرزاقهم، فكان الحكم على ذلك حكم الغرباء لا يعتمد إلا على القوة ولا