للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحس بشيء من العطف على الشعب المحكوم. (١)

ويقول مؤرخ عربي شامي عن الحكم الروماني في الشام: كانت معاملة الرومان للشاميين بادئ ذي بدء عادلة حسنة مع ما كانت عليه مملكتهم في داخليتها من المشاغب والمتاعب. ولما شاخت دولتهم انقلبت إلى أتعس ما كانت عليه من الرق والعبودية، ولم تضف رُومية بلاد الشام مباشرة ولم يصبح سكانها وطنيين رومانيين، ولا أرضهم أرضًا رومانية، بل ظلوا غرباء ورعايا، وكثيرًا ما كانوا يبيعون أبناءهم ليوفوا ما عليهم من الأموال، وقد كثرت المظالم والسخرات والرقيق، وبهذه الأيدي عمر الرومان ما عمروا من المعاهد والمصانع في الشام. (٢)

الدولة الفارسية: ولم يكن النظام المالي والسياسة المالية في إيران عادلة مستقرة بل كانت جائرة مضطربة في كثير من الأحوال، تابعة لأخلاق الجباة العاملين وأهوائهم والأحوال السياسية والحربية.

يقول مؤلف إيران في عهد الساسانيين: كان الجباة لا يتحرزون من الخيانة واغتصاب الأموال في تقدير الضرائب وجباية الأموال، ولما كانت الضرائب تختلف كل سنة وتزيد وتنقص لم يكن دخل الدولة وخرجها مقدرين مضبوطين، وقد كانت الحرب تنشب في بعض الأحيان وليست عند الدولة أموال تنفقها على الحرب، فكان يلجئها ذلك إلى ضرائب جديدة، وكانت المقاطعات الغربية الغنية -وخاصة بابل- هدف هذه الضرائب دائمًا. (٣)

الجزيرة العربية: وأما في الجزيرة العربية لم تكن هناك دولة مركزية، ولكن قبائل متفرقة يغير بعضها على بعض، والبقاء للأقوى. وكانت الحروب والسلب والنهب متفشية بين هذه القبائل، لا أمان ولا عهود ولا مواثيق تحكم علاقة هذه القبائل بعضها ببعض، ولكن منطق القوة والغلبة؛ مما تولد عنه واقع العبودية وانتشارها وكثرة العبيد الذين هم أسرى هذه الحروب أو نتاج هذه المعاملة اللاإنسانية للضعفاء من البشر في هذا الزمان.


(١) فتح العرب لمصر للدكتور/ ألفرد. ج. بتلر، تعريب: محمد فريد أبو حديد.
(٢) ماذا خسر العالم لأبي الحسن علي الحسني الندوي (ص ٩٨ - ٩٩).
(٣) إيران في عهد الساسانيين (ص ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>