مناقبها؛ لأنها هي التي روته فكان حفاظها على الشريعة وعلى نقلها أولى عندها من أي شيء آخر، حتى ولو كان نفسها.
الوجه الثالث: ولكن اعتذر عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه.
الوجه الرابع: ثم إن أبا بكر عاقبها على ذلك والذي دافع عنها هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما دخل هؤلاء. ألا ينادون بحقوق المرأة.
الحديث الثاني: عن النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت عائشة عاليًا وهي تقول: والله لقد علمت أن عليًّا أحب إليك من أبي، فأهوى إليها أبو بكر ليلطمها وقال: يا ابنة فلانة أراك ترفعين صوتك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمسكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج أبو بكر مغضبًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة كيف رأيتني أنقذتك من الرجل"؟ ثم استأذن أبو بكر بعد ذلك وقد اصطلح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعائشة، فقال: أدخلاني في السلم كما أدخلتماني في الحرب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد فعلنا". (١)
وهذا حديث صحيح، وتوجيهه كما يلي:
١ - إن اعتقادنا في أم المؤمنين أنها بشر يخطئ ويصيب فهي امرأة تغار كغيرها من النساء إلا أن لها فضلًا عليهن بتفضيل الله لها كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام، ولكنها مع هذا الفضل ليست معصومة.
٢ - لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم هذه الطبيعة من النساء، ولذلك حال بينها وبين أبي بكر، ثم إنه في الرواية أن أبا بكر دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكها، فقال: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما.
(١) صحيح. أخرجه النسائي في الكبرى (٥/ ٩)، والطحاوي في مشكل الآثار (٤٦٢٨)، والبزار في المسند (٣٢٧٥) وأحمد (٤/ ٢٧٥)، من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث به وأبو داود (٤٩٩٩) من طريق حجاج بن محمد المصيصي عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق به، وأحمد (٤/ ٢٧٢، ٢٧١) من طريق عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن العيزار، صحح إسناده الحافظ في الفتح (٧/ ٢٧)، وصححه الألباني في الصحيحة (٢٩٠١).