للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برهان، فلا شك حينئذ في أنها منحولة ومكذوبة عليه، ومع ذلك فإنه حتى في المنحول الذي يذكره مَنْ جَمَعَ شِعْرَ امْرِئِ القَيْسِ وَمَا نُحِلَ عَلَيهِ لَا يَذْكُرُها.

بل إن بعض أبيات الشبهة جاء منسوبا بالفعل إلى غير امرئ القيس، وغاية ما ذكر في كتب بعض المتقدمين بيتان فقط منسوبان لامرئ القيس وافقت ألفاظهما لفظ القرآن الكريم:

قال الإمام الذهبي: قال ابن النّجّار: كان كاتبًا (١) سديدًا بليغًا وحيدًا، فاضلًا، أديبًا، مقتدرا على الارتجال. . . وله يد باسطة في النّحو واللّغة، إلى أن قال: أنشدني عبد العظيم بن عبد القويّ المنذري، أخبرنا عليّ بن ظافر الأزدي، أنشدني الوزير مؤيّد الدّين القمّي النائب في الوزارة الناصرية لنفسه:

يشتهي الإنسان في الصّيف الشّتا ... فإذا ما جاءه أنكره

فهو لا يرضى بعيشٍ واحد ... قتل الإنسان ما أكفره. (٢)

فهذا الذهبي يروي البيتين منسوبين للوزير محمد القمي.

وكذلك فعل التيفاشي (ت ٦٥١ هـ) أيضًا: فنَسَبَ البيتين إلى يحيى بن صاعد. (٣)

فهذان إمامان متقدمان على المناوي قد نسبا البيتين إلى غير امرئ القيس.

ومن أبيات الشبهة التي جاءت منسوبة إلى امرئ القيس:

أنا منْ قومٍ كرامٍ يطعمونَ الطيباتِ ... بجفانٍ كالجوابي وقدورٍ راسياتِ

فهذان البيتان فقط ذكرهما بعض الأدباء منسوبين إلى امرئ القيس، ومع ذلك فقد أنكروهما وشككوا في صحة نسبتهما إليه، فذكر ابن أبي الأصبع عندما تكلم عن الإيداع أو التضمين، وما قيل من وقوع ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: ١٣] قال: على أن بعض الرواة ذكر أنه وضعه بعض الزنادقة، وتكلم على الآية الكريمة، وأن امرأ القيس لم يصح أنه تلفظ به (٤).


(١) يعني (محمد بن محمد بن عبد الكريم بن برز المعروف بمؤيد الدين القمي) والنص المذكور من ترجمته.
(٢) تاريخ الإسلام ٤٥/ ٤٠٨ و ٤٠٩ في ترجمة القمي.
(٣) سرور النفوس بمدارك الحواس الخمس ١/ ٢٣٩.
(٤) تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر صـ ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>