للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الآية حث المؤمنين على حب الله تعالى، ومثلها التحذير الآخر من حب شيء فوق حبه لله مع عدم المنع من حبها.

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٢٤].

ومن رحمته سبحانه وتعالى أن ألقى حب موسى في قلب آل فرعون.

قال تعالى لأم موسى: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩)} [طه: ٣٩].

ومن رحمته أن حث المؤمنين على الإحسان حبا في مغفرة الله تعالى لهم فقال سبحانه: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٢٢].

قَال أبُو بَكْرٍ: بَلَى وَالله إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ الله لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَال: وَالله لَا أنزِعُهَا مِنْهُ أبدًا. (١)

ولم يمنع الله سبحانه وتعالى الحب الطبيعي للكافر نظير نصرته للحق كما قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: ٥٦].

ولم يمنع الله سبحانه وتعالى حب الخير ولكن إذا شغل الإنسان عن ذكر الله فهو مذموم، قال تعالى عن سليمان عليه السَّلام: {فَقَال إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}.


(١) البخاري (٤٤٧٣)، مسلم (٢٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>