للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعذابات الأبدية في الجحيم.

وعندما أخذ العبيد يهبون ضد الأسياد في القرنين العاشر والحادي عشر وعندما بدأت أفعال الفرسان والإقطاعيين تصيب بالضرر أتباع الكنيسة من رهبان وغيرهم راحت الكنيسة تبتدع أساليب جديدة توطد من خلالها مواقعها المادية والمعنوية، وكان من أهم الأساليب التي ابتدعتها الكنيسة تحويل أنظار طبقة العبيد والفقراء نحو الشرق. فبدل النهب والسلب وجهتهم تجاه الشرق، أي تجاه بلاد الشام وفلسطين بالذات من خلال مفهوم الحج الذي طرحته.

وقد وجه البابا آنذاك نداء إلى جموع المسيحيين في الغرب يدعوهم فيه للحج إلى فلسطين، والقدس بالذات.

ويرى الباحثون أن التوجه لزيارة كنيسة القيامة وكنيسة المهد والأماكن الأخرى يعود للقرن الرابع الميلادي. لكن لم يكن ملحوظًا باعتباره طقسًا أو عبادة كالصلاة.

وما إن حل القرن الحادي عشر حتى غدا منتشرًا بقوة كبيرة في أوساط المسيحيين الغربيين وبدأت عمليات الحج بشكل فردي، ثم تطورت حتى أصبحت عملياتها تتكاثر وتكتسب طابعًا عامًا. وقد أشارت المصادر إلى أن جموعًا لا تحمى كانت تمضي من جميع أنحاء العالم إلى القدس.

وعمليات الحج أو زيارات الأماكن المقدسة انتشرت على درجة كبيرة بحيث انعكس هذا على كل قيم نظام المجتمع الإقطاعي الروحية، وفي المقام الأول على التصورات عن القداسة التي كانت لها أهمية كبيرة في الفكر الإقطاعي. وأصبحت عمليات الحج بمنزلة قسم إلزامي من الزهد والنسك. والتوجه بالسفر إلى القدس صفة لا غنى عنها في سيرة القديسين، وكل من كان يريد أن يخلق ويثبت لنفسه سمعة الطاهر (الفقير بالمسيح) كان يذهب إلى القدس لتكريم المقدسات المسيحية الموجودة هناك من قديم الزمان. والصلاة في كنيسة القيامة والتمتع بإجلال ومهابة بمشاهدة جميع الأماكن التي تجول فيها المسيح يومًا ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>