وقد ترابطت مفاهيم عادة الحج مع مفاهيم العهد بممارسة سلوك النساك المقدسين بدرجة عالية من الثقة، إلى حد أنه كان لا يندر لسير القديسين أن تنسب السفر إلى القدس، بقدر ما تنسب للقديسين أنفسهم على الرغم من أن كثيرًا منهم لم يذهب إلى فلسطين ولم يحج إلى القدس. وقد ألفت الكنيسة قصصًا خيالية قالت فيها إن القديسين الذين لم يحجوا إلى فلسطين كانت في نيتهم زيارة القدس.
لقد أصبح السفر إلى فلسطين للحج إلى الأماكن المقدسة لدى المسيحيين قانونًا في سرد قصص القديسين.
أما من حيث التركيب الاجتماعي فقد كانت عمليات الحج حركة مزخرفة ملونة، وبدا أن أهداف الحجاج الفعلية كانت مختلفة على الرغم من أن الحج بدا للجميع مشروعًا دينيًا صرفًا. فكانت مثلًا لدى الفئات الفقيرة تعبيرًا مغلفًا بغلاف الدين، أما في عيون طبقة الإقطاعيين فقد كانت الأهداف المهمة هي البواعث الدنيوية، أي الرغبة في اكتساب سلع البذخ في الشرق، ورؤية أماكن جديدة والتخلص ولو مؤقتًا من رتابة الحياة القروية مع همومها اليومية.
ومن أمثلة ذلك أن أسقف أورليان المدعو أود إلرك عندما ذهب وحج إلى القدس اشترى فانوسًا نفيسًا من بطريرك القدس مقابل رطل من الذهب، وقال في ذلك أحد شواهد الحملات الصليبية، وهو رادولف غلابر: إن الأسقف حمل الفانوس إلى أورليان لأجل تجميل كنيسته حيث عاد على المرضى بالكثير من النفع.
وهناك أهداف أخرى تجلت من خلال مواقف بعض زعماء الإقطاعيين الأوربيين، ومثال ذلك أن روبير الأول النورماندي الذي انطلق إلى الشرق سنة ١٠٣٥ م أجبر أتباعه الكبار قبل بداية الحج على حلف اليمين والاعتراف بابنه غير الشرعي غليوم ابن الزنى (والذي أصبح الفاتح فيما بعد) وريثًا له. وهكذا كان الحج في هذه الحالة ذريعة مناسبة لأجل بلوغ هدف سياسي معين.