ومن عادات الزعماء الإقطاعيين أثناء سفرهم إلى فلسطين بغية الحج أنهم كانوا يوزعون شتى المجوهرات التي أخذوها مهم لهذه الغاية. وكانوا يعتبرون ذلك بمنزلة توطيد لنفوذهم في أوساط الشعب البسيط، وكانت الكنيسة تشجع هذه التوزيعات بوصفها فعلًا يرضي الله.
وتحت ذريعة الحج كان الفرسان ينضمون إلى الزعماء والملوك. ففي سنة ١٠٦٥ م انطلق من ألمانيا إلى الحج زهاء سبعة آلاف شخص إلى اثني عشر ألفًا. وكان الذين لا أرض لهم وكذلك المعدمون يفتشون فيما وراء البحار عن الفرص لإصلاح أوضاعهم، وكان بعض منهم يرغبون في غفران الجرائم التي اقترفوها في بلادهم، والواقع أن الفرسان نهبوا في بلادهم الكنائس والأديرة، وعلى الرغم من ذلك توجهو إلى الحج لغايات وأهداف كثيرة أخرى. لقد تقبل هؤلاء المسيحية على طريقتهم كما فهموها وكيفوها للمفاهيم المألوفة على الإقطاعيين، وكانوا يتصورون الرب بصورة المولى الأعلى الذي يكافىء أتباعه الأرضيين بسخاء على خدمتهم الأمينة، ويغفر الخطايا، ويمنح الغبطة الأبدية في الجنة، كل هذا يفسر اتساع اشتراك الفرسان في عمليات الحج، وهذه العمليات كانت تلقى التحبيذ التام من جانب رجال الكنيسة.
إن حركة الحج التي اخترعها البابا والإقطاع قد هيأت للحروب الصليبية فكريًا وعمليًا، فقد أسهمت في تعاظم الأمزجة والميول الدينية الزهدية، وعرفت الأوربيين على الطرق إلى الشرق وعلى الوضع في الوطن العربي. وأهم ما أسهمت فيه تعطش الإطاعيين لامتلاك إقطاعات وأراض واسعة في الشرق العربي.
وإذا نظرنا إلى مفهوم الحج في وقتنا المعاصر الذي يخص المسيحية فإننا نرى ضعفًا كبيرًا فيه. بل انقطاعًا تامًا لدى بعض الفئات المسيحية، ومع الاحتلال الصهيوني لفلسطين زاد ضعف مفهوم الحج لدى المسيحيين.
ومن جانب آخر فقد أصدر البابا شنودة قرارًا يمنع فيه المسيحيين الأقباط من الذهاب